كل ما نخشاه أن تتحول مشكلة المرور عندنا إلى معضلة يصعب حلها، والسبب أن إشكالية المرور عندنا محاصرة بين جبهتين، الأولى هي الاختناق المروي، والثانية هي الفوضى المرورية أو الاستهتار المروري، وكلتا المشكلتين عظيمة وجسيمة، وتحتاج إلى حل بشكل مستقل عن الثانية.
أما مشكلة الاختناق المروري، فقد بدأت تظهر منذ أعوام، وساهمت فيها عدة عوامل، منها أن التخطيط السابق للشوارع لم يراع عملية التطور السكاني، بدليل أن أكثر الشوارع حيوية هو أضيقها اليوم. الأمر الآخر هو عدم مراعاة وجود مواقف رسمية للسيارات في كثير من المناطق المزدحمة، لذلك تضطر السيارات للوقوف على جانبي الطريق معيقة بذلك حركة المرور. وتشير إحدى الدراسات التي أجريت إلى أن «الكويت تفتقر لوجود تشريع يلزم ملاك العقارات بتخصيص أماكن للمركبات، إضافة إلى عدم وجود تشريع ينص على الحد الأقصى لعدد المركبات المملوكة للشخص الواحد وعدم فرض ضريبة تصاعدية عليهم. فالكويت تواجه زيادة مستمرة في أعداد السكان، وبالمقابل يبلغ إجمالي عدد المركبات المسجلة في الكويت (1.745.25 مركبة)، ولو أردنا حساب الرقم التصاعدي لعدد رخص القيادة، فيجب ان نعرف أنه خلال النصف الأول من العام الفائت أصدرت الإدارة العامة للمرور 8272 رخصة!».
وبحسب تحليل الدراسة «فإنه ـ وإذا استبعدنا الأطفال والعجائز والفقراء ـ يعني ذلك أن هناك معدلا مرتفعا للغاية للسيارات مقارنة بالبشر، إذ يعني هذا أنه يوجد أكثر من سيارة لكل شخص بالغ مقيم في الكويت».
اما الأمر الثالث الذي ساهم بشكل (غير مباشر ربما) في الاختناق المروري فيتمثل في منح رخص قيادة السيارات لمن لا يستحقها، أي الواسطات والمحسوبيات، وهذا البند الأخير يقودنا الى الشق الثاني من مشكلة المرور والمتمثلة في الفوضى المرورية او الاستهتار، وهي المشكلة التي أصبحت تنشر الرعب والخوف في شوارعنا التي تحولت بسبب رعونة بعض السائقين الى ساحة للشهداء.
على الجانب الآخر من هذه المشكلة، نجد ان هناك إهمالا لتخطيط وتنظيم بعض الشوارع الداخلية، فبعض الأرصفة، مثلا لا يوجد عليها تخطيط لوني ولا إشارة توضح ما اذا كان الوقوف بجانبها مسموحا او ممنوعا، وعندما يركن السائق سيارته بجانبها يخرج فيجد «الورقة الصفراء» بانتظاره على زجاج نافذة السيارة.
وأمام كل تلال المشاكل هذه، هناك حلول يمكن اتباعها، وهي كثيرة جدا وواضحة جدا، وليس أولها إعادة هيكلة الشوارع وتهيئتها، وليس آخرها إنشاء مترو الأنفاق.. وبأسرع ما يمكن قبل أن يدركنا الاختناق المروري.
[email protected]