في عام (٢٠٠١ م) أصدر مجلس الوزراء قرارا بشأن تنظيم عملية جمع التبرعات النقدية والعينية انطلاقا من تفعيل قانون جمع المال للمنفعة العامة الصادر في عام (١٩٥٩م)، من البنود المهمة في هذا القرار (اقتصار استقبال وجمع الملابس المستعملة من المتبرعين على المقار الرئيسة للجمعيات الخيرية المشهرة) منهيا بذلك جمع الملابس المستعملة من خلال الصناديق المنتشرة في مناطق وفرجان الكويت.
من أهداف هذا القرار هو عدم ترك الملابس المستعملة بعد أن يتبرع بها أصحابها ووضعها في الصناديق عرضة لسرقتها فضلا عن إزالة مثل تلك الصناديق من الشوارع والميادين لما تشكله من مظاهر غير حضارية.
تساءلت يوما لماذا تفتح هذه الملابس المستعملة القديمة شهية (الحرامية) لسرقتها؟ هل لدينا فقراء معوزون في الكويت يحتاجون أمثال هذه الملابس؟ هل يشكل إجمالي بيعها دخلا يساهم ويساعد الجمعيات الخيرية على تنمية مواردها المالية لتتمكن من التوسع في مساعدة الفقراء والمحتاجين؟
هل هناك مبرر لقيام الجمعيات الخيرية بجمعها وتنظيفها وإعادة تأهيلها؟ فكانت الإجابة من أحد الإخوة المسؤولين في الجمعيات الخيرية كالتالي: نعم يشكل جمع الملابس المستعملة لدينا دخلا استثنائيا، لقد صنف بلدنا الكويت كأفضل بلد في العالم يتم فيه الحصول على الملابس المستعملة لجودتها ونظافتها وتميزها عن غيرها من الملابس المستعملة في العالم لذا تستقطب أشهر وأكبر تجار الملابس البالية في العالم لشرائها بأغلى الأسعار، يكمل: لقد من الله على أهل الكويت بالخير الوفير فاعتاد أهلنا صغارا وكبارا على القيام بالتبرع بملابسهم وهي (نص عمر) لا، بل إن هناك ملابس لاتزال في (كراتينها) وبعض الملابس لاتزال تحتفظ (بملصق) السعر قبل الشراء، وأكثر من ذلك أن بعض الملابس حتى وإن كانت مستعملة استعمالا خفيفا فهي معنونة بأسماء لأشهر الماركات العالمية لا يحلم الفقير أو المحتاج بارتدائها.
تخيل يا أخي عندما كنا يوما نقوم بتفريغ أحد الصناديق من محتواه من الملابس عثرنا على علبة فاخرة متوسطة الحجم بداخلها (بشت) جديد بدا أنه باهظ الثمن، كما عثرنا على شنط وأحذية نسائية ورجالية ذات ماركات تجارية عالمية مشهورة لم تستعمل البتة! قلت: إذا قرار إزالة صناديق جمع الملابس التي كانت منتشرة جاء لحماية هذا النوع من التبرعات من السرقة، فذلك والله أسهل وأيسر من سرقة (المناهيل) ذات الأوزان الثقيلة؟ قال: خيرا فعل مجلس الوزراء بإصدار قراره هذا فقد أراحنا من أمثال أولئك السراق الذين (ناشبونا) على الملابس المستعملة.
لذلك فإن تنظيم جمع التبرعات العينية أتى بثماره، قلت: ان الأخذ بالمقترح الذي تقدم به كاتب السطور بإنشاء حاضنة لإعادة تأهيل الملابس المستعملة في الكويت تشترك به جميع الجمعيات الخيرية بتحويل الملابس المستعملة للحاضنة باعتبارها ورشة يعمل بها كل محتاج من فئة البدون الذين لم يحصلوا على وظائف لتدريبهم وتأهيلهم للقيام بتحقيق الأهداف الإنسانية الاجتماعية الاقتصادية من خلال بيع مثل تلك الألبسة بأسلوب حضاري على غرار المشاريع المماثلة والناجحة في عواصم ومدن عالمية مثل استكهولم ونيويورك والقاهرة وغيرها، في ذلك تصطادون أكثر من عشرة عصافير برمية واحدة.