يقول صديق لي: بمجرد شعور ابنتي بأعراض (النشلة) طلبت مني اصطحابها للمستوصف القريب من مسكننا، بعد وصولنا قمت باتباع إجراءات الدخول على الطبيبة التي قامت بواجبها على أكمل وجه، فحصتها وأوصت لها بـ (قطرة أنف) مع إلقاء عبارة (سلامات ما تشوفين شر، خذ بنتك ما فيها إلا العافية).
يكمل الأب: انتهزت فرصة مرافقتي لابنتي وقلت للطبيبة: أشعر (بنقزه) في صدري، ممكن تفحصيني، فاستجابت لطلبي بلطف وقامت بواجبها بعد أن استلقيت على سرير الفحص، قامت بفحصي مبدئيا ثم طلبت من الممرض الفحص بواسطة جهاز (تخطيط القلب)، تسلمت نتيجة التخطيط وقرأته بتمعن ثم أمرتني بعدم التحرك وأن أبقى بالوضع الذي أنا عليه دون حركة، استجبت لتعليماتها بعد أن انتابني خوف شديد، بادرتها بالسؤال: (خير إن شاء الله دكتورة شنو فيني؟) لم تجب عن سؤالي وتوجهت مسرعة لهاتف مكتبها لتطلب من مسؤولي المستوصف سيارة إسعاف على وجه السرعة!
كررت سؤالي عليها (شنو فيني دكتورة؟) وأنا أناظر ابنتي التي تجلس في الطرف الآخر من غرفة الفحص لندخل جميعنا بنوبة خوف شديدة! وكررت السؤال على الطبيبة ثانية (شفيني دكتورة)؟ فقالت اهدأ ولا تتحرك البتة سأقوم بتحويلك فورا الى المستشفى لوجود شك بإصابتك بذبحة صدرية (جلطة) يكمل: في تلك اللحظة حمدت الله وشكرته على أن سير أمري بالحضور ليس لما كنت أشتكي منه بل لابنتي ولإنقاذي.
وصلت المستشفى وأجريت عملية القسطرة وعشت السنوات الخمس عشرة وأنا في أحسن حال ومازلت بفضل من الله.
في أحد الأيام ذهب صديق لي الى مستوصف المنطقة التي يقطن بها لشكه بألم بسيط، أجرى نصف الفحوصات اللازمة، ثم استرجع الله أمانته لينتقل إليه بعد أن تحول سرير فحص المستوصف لفراش فراق الدنيا.
في هذه الأيام اتخذت وزارة الصحة قرارا جديدا بموجبه يلزم كل من يرغب بزيارة المستوصف أن يكون لديه موعد مسبق! سألت عن صحة هذا الإجراء الجديد فأكد لي أحد أطباء المستوصفات صحة القرار، وأنه دائم وليس مؤقتا بسبب «كورونا»!
سألته وإذا كان العارض المرضي الذي أتيت للمستوصف من أجله ملحا ويستوجب فحصي ومراجعة الطبيب؟ قال يتم تقييم شكواك أولا عن طريق الاستقبال (طبيب) ومن ثم يتخذ القرار المناسب (يعني تدخل أو ما تدخل أو ترجع بيتكم وتاخذ موعد وبعدين تجينا)، وعليه أود القول بأن ظني يقودني الى تشاؤم وخوف والى نتائج قد تحدث وتحل بنا لا تحمد عقباها.
فإذا كل شخص يشعر بأعراض مرضية لا يسمح له بالدخول على الطبيب إلا بعد تقييم حالته المرضية من قبل الاستقبال ومن ثم يقررون السماح لنا بالدخول من عدمه، إلا يفرض ذلك التساؤل التالي: ألم تؤكدوا لنا أن الكثير من الأعراض المرضية لا يمكن تحديد خطورتها إلا بالكشف عنها باستخدام أجهزة طبية وتحاليل مخبرية وفرتها وزارة الصحة في المستوصفات لمعرفة مدى تشخيص وخطورة الحالة؟ وكيف تمكنت الطبيبة التي أنقذت والد البنت المشار إليه في صدر هذا المقال باكتشاف إصابته بالذبحة الصدرية إلا من خلال جهاز (تخطيط القلب)؟
وبالنسبة لصديقي الآخر الذي توفاه الله في غرفة فحص المستوصف، رحمه الله، كيف ستكون موتته لو لم يتمكن من التوجه للمستوصف بحجة (ماعندي موعد ولازم أحجز عبر الأون لاين) هل سينتظره ملك الموت؟ أم ستقبض روحه؟ فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون.
الإخوة في وزارة الصحة هل منكم من يخيب ظني ويخطئه ويؤكد لي صحة قراركم القاضي بعدم دخول المستوصف إلا بالموعد المسبق؟