أشد ما يغيظ المواطنين ويشعل النار في قلوبهم، وأعتقد أنه يشغل تفكير سمو رئيس مجلس الوزراء، وكذلك الوزراء وأجهزة الدولة هو هذا السؤال:
أيهما أولى.. محاربة الفساد والقضاء عليه، أم التنمية والتطور؟
والجواب: (درء المفاسد مقدم على جلب المصالح). مبدأ حفظناه مع سورة الفاتحة ونحن أطفال.
كان آباؤنا وأجدادنا إذا أرادوا أن يختبروا ذكاء الطفل، يعطونه مشخال (مصفى) ويطلبون منه ان يملأه بالماء «من البحر او من البئر» وهم يلاحظون تصرف وفطنة هذا الطفل.
مِن الأطفال مَن يكتشف الحيلة في البداية ويقول: كيف أملأ إناء به ثقوب.. يستحيل؟.. وهذا يدل على الذكاء، والفطنة... أما الطفل الثاني فيأخذ «المشخال» ويحاول ملأه ثم يكتشف بعد فترة انه لا يمتلئ ويشعر انه وقع في الفخ، أو ربما ينتبه حين يسمع أصوات الضحك عليه، ويعود محتجا.
أما الطفل الثالث فيستمر بملء المشخال حتى يتعب.. عندها يكتشف والده أن ابنه عديم الذكاء.
سياسة حكومة الكويت تشبه الطفل الثالث، لأنها مستمرة في تعبئة المشخال، ولا تلتفت إلى الثقوب التي تفسد صنعها.. متى تعي حكومة وطني ان المشخال لا يمتلئ؟ وانها تنفخ في «قربة» بها مليون ثقب؟
يا سادة، وطننا مريض، به خلايا سرطانية فاسدة موزعة على كامل جسمه، ابدأوا بإسعافه وعلاجه، ثم انظروا لباقي الأمور.
لا تنمية ولا تطور بوجود الفساد.
وباء الفساد نخر في عظام ولحم الدولة، وأفسد النفوس، والقلوب، والذمم، وأحل الحرام، وجر الناس للمعاصي والكفر.. فساد لم نألفه، ولا هو من أخلاقنا وأطباعنا، فساد على مستوى عال، فساد مستورد من الشرق والغرب، فساد يعمي القلوب قبل العيون، إنه أشد غزو شهدته الكويت، لن تقف معنا هيئات الأمم المتحدة ومنظماتها، بل سيكونون خصما لنا، فساد فاق «الخيانة العظمى» خيانة وطن، أبناؤنا من صلب أرحامنا يشاركون الأغراب بخراب بيتنا الكبير، ماديا ومعنويا، ماذا بقي من الأخلاق، والثقة والأمانة؟ لذلك لابد من الاعتماد على أنفسنا في محاربة هذا الفساد، وسن سيوف القصاص، والحزم مع العزم (ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله) فالعدل أساس الملك، وتقوى الله وطاعته، والخوف من عقابه أقوى من صلة الأرحام، فمثلما نطلب من الله سبحانه وتعالى ان يحفظ الكويت أميرا وحكومة وشعبا، فالله يطالبنا أولا بتطبيق آياته (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم).. وإلا سيبدل الله نعمته على هذا الوطن، كما قال في محكم آياته: (فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم).
إن فضل الله على الكويت وشعبها والأسرة الحاكمة فضل عظيم، ولولا هذا الفضل وهذه النعمة، لما كان هذا الاستمرار وهذه المحبة بين الجميع.
سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح الخالد، الفساد طال قياديين في الدولة، أقسموا بالله العظيم (وإنه لقسم لو تعلمون عظيم) ثم خانوا القسم، واستهزأوا به، وغرّتهم الحياة الدنيا.
يقول الله تعالى: (قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزؤون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم).
الأمر خطير جدا، متعلق بثلاثة أطراف، الأول، علاقتنا مع الله، هل نحن مسلمون حقا، نقيم العدل، ولا نبخس الميزان، والناس سواسية كأسنان المشط؟ الطرف الثاني «الوطن» أغلى ما نملك، نغني له، أرواحنا وأموالنا فداه، هل نحن صادقون؟ الطرف الثالث، هو دول العالم بكل منظماته، إذا لم نصلح أنفسنا بأنفسنا، وإلا ستقوم دول العالم بالإصلاح ومنها العقوبات وفقد ثقة العالم باقتصادنا (وإيران ولبنان عبرة).
ثقتنا بسمو الرئيس كبيرة، وتاريخ الكويت يسجل الأحداث صوتا وصورة، ولا يعلم بالنوايا والعواطف.
اللهم اضرب الظالمين بالظالمين، وطهر وطننا من كيد الفاسدين.
[email protected]