صدقت المقولة التي تقول: «المجالس مدارس، وإن خبرة الحياة تعطي من يمتلكها «حلاوة» في الكلام، تلك الصفة شدت رواد الديوانية للاستماع إلى من تجاوز السبعين من العمر بصوته الهادئ، وكنت أسجل كل ما قاله في «نوته» خاصة فيني ولكنني فقدتها منذ خمسة أعوام ووجدتها في «جيب» البالطو «الشتوي» الأسبوع الماضي وكم كانت سعادتي كبيرة عندما وجدتها، فكانت تلك الملاحظات التي سجلتها لتلك الشخصية الرائعة التي توفيت منذ سنتين تقريبا، رحمه الله رحمة واسعة، عندما قال:
ربعي الذين ما زلت معهم منذ أكثر من خمسين عاما كان أغلبهم «مرتشين» عندما كانوا شبابا ومن تلك المبالغ أصبحت لديهم تجارة كبيرة!! ولم يكونوا أصحاب ضمير ولا ذمة ولا دين وعلى قولة القائل: من هالشق إلى هالشق، وأرادوا مني ومن صديق آخر بأن نكون مثلهم ولكننا «رفضنا» خوفا من الآخرة وما أحد راح ينفعنا عندما نقف أمام الله سبحانه وتعالى رغم إننا لسنا «متدينين» ولم نكن «نصلي» أصلا، وبعد تلك السنين وعندما كبروا ندموا بكثر شعرهم «الأبيض» على ما قاموا به من «بلاوي» ولكنهم لا يستطيعون التراجع خوفا من «العار»!! وإن أسماءهم أصبحت «رنانة» في المجتمع وفضلوا دنياهم على حساب «آخرتهم»!
لقد أصبحوا «مدمنين» للفساد ودائرتهم «كبيرة» كالمافيا، لقد أصبحوا ينامون على المهدئات ولا تغرك «المظاهر» بأنهم عايشين براحة وسعادة رغم أن عندهم كل شيء تتمنونه في هذه الدنيا والمليون دينار أصبح مثل الدينار عندهم «ولا يشعرون بأهميته لأنك تصل لمرحلة من العمر تريد فقط راحة «البال»، ورغم إنني عايش على معاشي التقاعدي فهم يحسدونني على سعادتي وراحة بالي، ويطلبون مني مرات كثيرة بأن يساعدونني «ماديا» فأرفض لأنني عارف مصدر «أموالهم» تراهم «متعذبين» وأصابتهم «أمراض» صعب الشفاء منها أو تصيب أفراد اسرهم أو يتوفى احدهم بحادث سير... كل ذلك بسبب دعوة مظلوم، لقد أحسوا بقرب «موتهم» وعرفوا الآن بأن الله عادل في حكمه وسينالون أشد العذاب على ما قاموا به وإن تلك الثروة أتت بطريق الحرام «فيتعذبون» وأحيانا يبكون أمامي ويندمون، وأكثر ما يعذبهم عندما يتوفى أحد من ربعنا «التجار» فيشاهدون ماذا حصل لأولاده بعد وفاته من صراع على الثروة وقطيعة وإن الدور على التالي منهم فيزدادون حسرة.
أخيرا... تذكرت كلام تلك الشخصية فتساءلت في نفسي: كم دعوة «مظلوم» أصابت الفاسدين عند سقوط المطر في الأيام الماضية؟ وكم حنجرة قالت: متى تشبعون؟
[email protected]