الشيخ حاي الحاي
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد، فمازلنا نعرض سلسلة أحاديث لا تصح نسبتها إلى النبي صلى الله عليه وسلم في الإنكار العلني على الحكام، ونعرض اليوم الجزء الثاني.
الحديث الثاني: قول عمر رضي الله عنه: لن يعجز الناس أن يولوا رجلا منهم فإن استقام اتبعوه وإن جنف، أي: مال، قتلوه.
فقال طلحة رضي الله عنه: «وما عليك لو قلت: إن تعوج عزلوه؟»، فقال عمر رضي الله عنه: «لا القتل أنكل لمن بعده»، وهذا إسناده ضعيف، فموسى بن عقبة لم يسمع من عمر رضي الله عنه فهو منقطع، لأنه موسى بن عقبة بن أبي عياش مولى آل الزبير وهو الثقة الفقيه الإمام في المغازي رحمه الله لم يصح أن ابن متعين لينه أخرج له الستة، ولم يلق عمر رضي الله عنه ولم يسمع منه لأنه من الطبقة الخامسة، قال الحافظ ابن حجر في التقريب المقدمة (ص75) طبعة «عوامة» الخامسة الطبقة الصغرى منهم الذين رأوا الواحد والاثنين، ولم يثبت لبعضهم السماع من الصحابة كالأعمش.
قلت: هذه الأحاديث المرفوعة والموقوفة التي لم تصح من كلام النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك هذه الإشار وهي منكرة.
مخالفة للأحاديث الثابتة الصحيحة كما في صحيحي الإمامين البخاري ومسلم وغيرهما التي تحث المرء المسلم على السمع والطاعة والصبر على جور الأئمة.
عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: سترون بعدي أثرة وأمورا تنكرونها، قالوا: فما تأمرنا يا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أدوا إليهم حقهم، وسلوا الله حقكم» أخرجه البخاري رقم (6644).
قلت: في هذا الحديث الصحيح يأمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بالطريقة المثلى في معاملة الحاكم الظالم الفاسد: أن إذا رأينا أمورا ننكرها أن نصبر على الأثرة ولا ننزع يدا من طاعة.
ولنعلم أن هذه الاحتجاجات العلنية الصاخبة والاعتصامات والمظاهرات لابد أن يصحبها سباب وشتائم وطعون وتسفيه لولاة الأمور والحط من شأنهم ومكانتهم.
وبالتالي تذهب هيبة الوالي والحاكم والوزير وهذه الأمور من ذكر المعايب والنقائص والمثالب لولاة الأمور لا ريب بأنها أعظم سبيل للخروج عليه.
1 - قال أنس بن مالك رضي الله عنه: نهانا كبراؤنا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تسبوا أمراءكم ولا تغشوهم ولا تبغضوهم واتقوا الله واصبروا فإن الأمر قريب». انظر السنة (1015) لابن أبي عاصم التمهيد لابن عبد البر (21/287) والترغيب والترهيب (3/68) لقوام السنة أبي القاسم.
قال أبو إدريس الخولاني رحمه الله: «إياكم والطعن على الأئمة».
ومن أجمل كلمات السلف في الفرار إلى الله ودعاء المولى ـ جل وعل ـ والصبر على جور الولاة وعدم الفزع إلى السيف.
عن حماد بن زيد عن عمر بن يزيد عن الحسن قال: لو أن الناس إذا ابتلوا من قبل سلطانهم بشيء، دعوا الله أو سل الله أن يرفع عنهم، ولكنهم فزعوا إلى السيف فوكلوا إليه، والله ما جاءوا بيوم خير قط.
أثر جيد، وأخرجه ابن أبي حاتم في «التفسير» رقم (8897) (5/1551) وابن سعد في الطبقات الكبير (7/164) والآجري في الشريعة رقم (66).