لقد أثبتت الحكومة أنها لم تكن قط حكيمة في استثمار خيرات هذا البلد الكريم، فلطالما أسرفت في هباتها الخارجية التي بلغت مشارق الأرض ومغاربها واستفاد منها العدو والصديق، كما أنها أنفقت الكثير في الداخل دون أن يكون له أثر كبير في الرخاء والتنمية والبنية التحتية، بل إن المشاريع العملاقة القليلة بقيت معطلة سنوات طويلة حتى أصبحت هي نفسها شاهدا على الفساد المعلن الصريح، ولطالما عزت الحكومة هذا الإخفاق والفشل الذريع في إدارة مصالح الشعب إلى عدم الاستقرار السياسي ممثلا بممارسات مجالس الأمة السابقة ولكن ها هو الواقع يفند كل تلك المزاعم، هل يعقل أننا منذ الاستقلال حتى اليوم لا نملك سوى جامعة واحدة كانت من أوائل الجامعات الخليجية وهي اليوم في ذيل التصنيف الأكاديمي، وأما الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب فواقعها لا يسر لا العدو ولا الصديق، وقد بلغ الأمر بالمواطنين أن يتغربوا إلى دول شتى لكي يحصلوا على فرصهم في التعليم الذي بلغ عندنا مراحل خطيرة من التخلف والتدهور، هل من المعقول أن تغلق الشعب الدراسية لعدم توافر ميزانية وهل يعقل أن تمر الأعوام دون أن يحصل الأساتذة الجامعيون على مستحقاتهم؟!
وأما على صعيد الخدمات الصحية فملف العلاج بالخارج وحده كفيل بأن يفقدك الثقة بالعدل والمساواة ولست أدري كيف يرضى المسؤولون بالمتاجرة السياسية في حالات إنسانية كان من الواجب أن يوفر لها العلاج في الوطن وعلى أعلى مستوى طبي؟! وإن جميع ما دفع من مال لا يساوي شيئا أمام كرامة الناس التي أهدرت أمام أبواب المسؤولين الموصدة.
وفي ملف الإسكان، ما زال التردي فيه يتسبب في الديون المتراكمة على المواطنين والتي تنتفع منها مجموعات جشعة لا تشبع بل إنه السبب في مشاكل اجتماعية جد خطيرة من بينها ارتفاع نسبة الطلاق.
وفي المجال الرياضي، حسبك أن السوء والانحطاط جعل علم الوطن لا يرتفع في المحافل الرياضية الدولية؟!
وكذلك الأمر انحط في مجال الفن والإعلام والمسرح حتى شوهت صورة المجتمع الكويتي ونقلت في صور شاذة أمام أعين العالم وأسماعهم وابتعد كل البعد عن تصوير هموم الشعب وتطلعاته بعدما اتجه بكل صفاقة إلى الهزل والميوعة والسخف.
وعلى صعيد الخطط السياحية، كانت المدينة الترفيهية خطوة جيدة في الطريق ولكنها غيرت اتجاهها إلى نماذج تطيرها الرياح في الموروث الشعبي ونماذج تغرق الشعب بدموع المضحكات المبكيات كالقرية المائية!
كل الذي مضى مؤشر يدق ناقوس الخطر ويشعل الوقود نحو مستقبل لا نحسن الظن به ما دامت الحكومة تحفر لنا حفرا من خططها غير الرشيدة، والجميع مطالب بأن يبذل غاية ما يستطيع من إخلاص ونصيحة وعمل متقن في مجاله الذي هو فيه لكي لا توقعنا الحكومة في الهاوية ولكي يبقى هذا الوطن الغالي الذي ليس لنا سواه عزيزا كريما مرفوع الرأس أبدا.
[email protected]