العيد مناسبة تفتح للفرد آفاقا رحبة تمكنه من رؤية أبعاد لم يكن يمعن فيها النظر، وهذه الآفاق لا تفتح وحدها ومن تلقاء نفسها، ولكن ينبغي لمن يريد النظر أن يفتح عينيه وأن يطرق تلك الأبواب، ومن تلك الآفاق أفق يفتح نافذة على ماضي وقائع دوّنها التاريخ الإسلامي، منها نافذة نطل من خلالها على يوم عيد يضحّى فيه بإنسان، فقد قام خالد بن صفوان القسري خطيبا في يوم عيد الأضحى وكان واليا على البصرة من قبل هشام بن عبد الملك بن مروان، فقال:
أيها الناس ضحوا تقبل الله ضحاياكم، فإني مضحّ بالجعد بن درهم، إنه زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلا، ولم يكلم موسى تكليما، ثم نزل فذبحه في أصل المنبر.
ومهما يكن السبب فإنه يكشف لك منذ متى وهذه الأمة أصبحت ضيقة العطن تجاه الآراء التي قد تكون غير متسقة مع رأي السلطة التي تحتكر القانون والقوة والتفكير، فكان السيف والسجن والتشريد والتجويع والتضييق والتهميش نصيب كل من خالفها، وكيف يشاع القتل والرعب والخوف والوعيد في يوم مبارك سعيد ولا يملك السواد الأعظم سوى الإذعان والطاعة والصمت تجاه سياسات القهر والذل وفرض الرأي الواحد.
ألم يكن الأجدر أن يعقد ذلك الوالي مجلسا علميا على رؤوس الأشهاد يناقش فيه ذلك الرجل المتأول لكي يعلم باطله ومدى جهله ومبلغ علمه ومن بعد فإما العود إلى الحق وإما الموت لرأيه الذي قتل بسببه! ولكن هيهات، فما نحن فيه اليوم إنما كان بسبب تفريط من سبقنا في حقوقهم حتى أورثونا جيلا بعد جيل ما ألحقنا بركب العالم الثالث وفي الذيل منه.
وها نحن اليوم نرى طائفتين من المسلمين كل منهما تريد أن تدخل الجنة وحدها وأن تدخل الطائفة الأخرى عن بكرة أبيها أطفالا ونساء وشيوخا النار ثم إنهما لما طال انتظارهما لحساب يوم القيامة أقامتا القيامة فيما ترى وتسمع من الحروب المسلحة والمفخخة والقتل والغرق والسلب والنهب واللعن والشتم والتنابز بالألقاب والتربص بالآخر حتى أصبحنا أضحوكة الأمم وألعوبة بيدها فإلى متى ونحن بلا عقل؟!
أيها المسلمون اقتلوا الآراء والمذاهب كيفما تشاءون ولكن كفاكم قتلا لأصحابها.
[email protected]