تزدحم المطارات والمنافذ بالمغادرين والمغادرات، حيث تتعدد الوجهات وتختلف الغايات من هذه الرحلات، هذه حال بلادي في كل إجازة ننتظر الإجازات على أحر من الجمر حتى نعد الحقائب ونفر منها فرار العبيد يوم الوعيد.
تزامن الأعياد الوطنية مع إجازات المواطنين يبخس الوطن حقه.. فأي وطنية ندعيها حين نرحل الى وجهات سياحية للترفيه وتغيير الجو في فترة عيد بلادنا وعيد تحريرها؟!
ما نراه بساحات الاحتفال يحز في النفس ويؤلمها، فإن أغلبية من يحضرونها وافدون من داخل البلاد وخارجها، وهناك في الوقت نفسه شعور جميل بأنهم يحتفلون بأعياد بلادنا امتنانا واعترافا منهم بأنها بلدهم الثاني، وهذا ما نفقده من المواطنين الذين جمعوا متاعهم وتذاكرهم للرحيل المستعجل عن أرض هم بحاجة إليها، وهي في غنى عن وجودهم، حيث ان المقيمين فيها يحتفلون بحبها رغم غربتهم عن بلدانهم إلا أننا نجدهم أقرب لفرحها.
ما القسوة التي يحملها أبناء الوطن؟ هل هذا الأسلوب الذي يعبر به الحبيب لحبيبه عن حبه وعشقه؟ هل هو الجفاء والبعد؟ هل حقها وحق كرمها بأنها حضنتنا هو عدم المشاركة في يوم بسمتها؟!
تبسمت لنا ودمعت عيون بلادي حين آلمنا مصاب الغزو الغاشم، حضنت بين أضلعها أجساد أبنائها وساكنيها، أحنت ظهرها حتى كبرنا، وأصبح لنا شأن بين دول العالم، وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟! لكننا وجدنا النكران الذي نراه من فئة ليست بقليلة من المواطنين الذين استوطنوا أرضها وجعلوها مثل المنتجع يتنقلون بين بقاعه متناسين الاستقرار المكاني والنفسي لهم على هذه الأرض.
نطالب بغرس الوطنية وبث روح الوطنية، وها هي مدارسنا قد خليت من الطلبة منذ بداية الأسبوع لأن طلبتنا مغادرون مع أهليهم، وها هي وزاراتنا تكاد تكون شبه فارغة من محتواها البشري.
كان من الأحرى بديوان الخدمة ان يوقف الإجازة الوطنية ليتم العمل والاحتفال بأعياد البلاد من خلال جهد مكثف وعمل اكثر ردا لجميل البلاد علينا كشعب وسكان.
عفوا.. أعلنها عاليا.. «الوطنية» ليست شعارا يعلق على الصدر ولا اسما يصدح به كلما تفاخرنا بها.. «الوطنية» ليست علَما يُرفع على المنازل وهي خاوية..
«الوطنية» هي إحساس ومشاعر لا تمثل بلبس أو أعلام.. «الوطنية» بصباحها وصباح عيدها.. أقول لها.. صباح الخير يا أمي.. يا وطني، يا أرضي.. وأنا على أرضها في أحضانها.
[email protected]