بقلم: مسعد حسني عبدالمقصود
بعد ثورة 25 يناير، لم يكن المصريون في غالبيتهم مع فصيل الإخوان المسلمين، ولم يكن وصول د.محمد مرسي إلى سدة الحكم إلا لأن السواد الأعظم من الشعب وجد نفسه بين خيارين أحلاهما مر، فإما اختيار الإخوان الذين عانوا من الظلم على مدى عقود طويلة، أو اختيار أحد رموز النظام السابق، بما له من مخاوف استنساخ ذلك النظام الذي هيمن فوق إرادتهم وحرمهم من أي فرص للاختيار.
ومع بداية حكم الإخوان، استبشر المصريون خيرا بناس عرفوا ظاهريا بالورع والتقوى والحرص على مساعدة الآخرين وبذل الغالي والنفيس لتحقيق العدل.
التجربة الواقعية التي امتدت على مدار عام كامل كشفت الوجه الحقيقي للإخوان، فهم فئة عاشت تحت ضغوط كبيرة إما في السجون أو العمل داخل الكهوف، فكيف بهم فجأة يتصدرون المشهد ويقودون الأمة المصرية، بالطبع وبحسب تحليلات علماء النفس لا يمكن لشخص عاش كل هذه الضغوط ان يمسك بزمام القيادة وتكون الحكمة هي عنوانه في العمل، وإنما كان المحرك الأول العمل على ردم الماضي المؤلم، ومحاولة مسحه أو لنقل طمسه من الذاكرة بشتى السبل، فكانت التعيينات الإخوانية في كل المناصب بعيدا عن الكفاءة أو التخصص أو الخبرة، وجاءت اللجنة التأسيسية تحت ستار الأغلبية لفرض قوانين بعينها ضد إرادة الشعب، بعد إعلان دستوري أخرق مثّل كل عناوين التجبر والديكتاتورية.
ساءت أحوال المصريين في كل المجالات، الاقتصاد مر بأسوأ حالاته، ولم تفلح كل تحذيرات الخبراء في تغيير السياسة العقيمة التي انتهجتها إدارة مرسي. أما على الصعيد الاجتماعي فعاشت مصر عاما كئيبا، فقد تفتت الشعب إلى فرق وطوائف، وانتشرت البغضاء وخيم الحزن على الوجوه والقلوب.
لكن المصريين الذين عرفوا بأنهم يتحملون كل شيء إلا تجاوز كرامتهم واللعب بإرادتهم لم يقبلوا ان تستمر هذه الأخونة، فانتفضوا رافعين لواء ثورتهم الأولى مطالبين باستعادتها من بين أنياب هذه الطغمة المتجبرة، فانتصرت إرادتهم بانحياز الجيش والشرطة والقوى المدنية لتكون النتيجة الطبيعية عزل مرسي، فانكشف الوجه القبيح الحقيقي للإخوان. وبعد أن كانوا يتشدقون بإرادة الشعب وثورة الشعب ومطالبات الشعب استذبحوا تحت شعار «الشرعية».
ولا أدري أي شرعية هذه التي يستحلون من أجلها دماء المصريين وأمنهم وأعراضهم وأموالهم وممتلكاتهم، أي شرعية هذه التي يريقون تحت بريقها أرواح الأبرياء، دون امتثال لأوامر الدين التي يزعمون أنهم خير من يحملها ويسعى لتنفيذها.
وبعد ليلة كئيبة عاشتها مصر، بسبب الفوضى والدماء وحرب الشوارع التي نصبها الإخوان لمصر، نرى أن الأمل زاد بإزاحة هذه الزمرة عن طريق مصر الآمنة، ففي لعبة الشطرنج عندما يتحرك الملك تقترب نهايته، وها هو بديع قد خرج ليحفز أتباعه على القتال والحرق والترويع فحرق آخر ورقة في أيديهم وبتنا ننتظر شمس الحرية والأمنو التقدم والرخاء بعيدا عن هيمنة هذه الفئة.
[email protected]
mosaadhosny@