حينما يعلن الإعلامي صراحة ميوله السياسية أو انتماءاته الحزبية، فإنه لا يسلم أبدا من سهام النقد التي قد تصل في أحيان كثيرة إلى التجريح، ومهما التزم الحياد والشفافية في عمله، فإن تلك السهام تتواصل باتجاهه من جميع الأطراف التي لا تتوافق مع رأيه.
إنها المشكلة التي نعاني منها دائما في مجتمعاتنا العربية، مشكلة تهيمن على تفكيرنا مهما تشدقنا بالحرية والديموقراطية، مشكلة لم نجد لها علاجا ناجعا في سلوكياتنا وتصرفاتنا، مشكلة تكمن في مقولة «إذا لم تكن معي فأنت ضدي» والتي تعد العنوان الأبرز لكل تعاملاتنا.. وهنا يجد الإعلامي نفسه محاصرا بالقيود، لكن المبادئ والنزاهة والمصداقية تظل هي العقد الفريد الذي يزين أعناق الشرفاء، وتظل هي الأساس المتين الذي تثبت الأيام مدى صلابته وقوته.
***
على غير العادة، استيقظ المصريون أمس على مشاهد أداء أعضاء الحكومة الجديدة لليمين الدستورية أمام الرئيس المنتخب عبدالفتاح السيسي، فقد تعودنا خلال السنوات الطويلة الماضية أن يكون أداء اليمين في فترة متأخرة من اليوم، لكننا مع السيسي يبدو أننا على موعد مع النشاط والعمل والإنجاز.
إنها مرحلة انتظرها المصريون كثيرا بعد معاناة امتدت لأعوام طويلة، وركود طال أمده حتى وصل إلى كل مفاصل مؤسسات الدولة وهيئاتها الحكومية.
لا أعلم لماذا استحضرت مشاهد الطوابير الطويلة للمراجعين أمام موظفي الدولة، ولماذا طرأت على ذاكرتي جملة «فوت علينا بكرة يا سيد» التي اشتهر بها الفنان رأفت فهيم في أعماله، والتي كانت تصور بدقة كبيرة ما نعانيه عندما نتوجه لإنجاز أي معاملة.
استحضرت تلك المشاهد وهذه الجملة، لكنني تملكني التفاؤل بأن هذه السلبية ستختفي من حياتنا إلى الأبد، وتمنيت أن يكون العهد الجديد هو عهد العمل والإنجاز والإخلاص، فلا تنقصنا العقول ولا تنقصنا الموارد، لكننا نحتاج إلى الاجتهاد والعمل والإخلاص من أجل بلدنا ومستقبل أبنائنا.
***
في الختام: في الآونة الأخيرة انتشرت الإعلانات حول السماعات السحرية التي تستخدم في الامتحانات مع التلويح بإمكانية استخدامها في الغش دون أن يكشفها أحد، فتلك السماعات رغم تعدد أشكالها وأنواعها وكذلك أسعارها تقوم فكرتها على وجود دائرة اتصال عن بعد، ويمكن لمستخدمها أن يضع جزءا صغيرا منها في إحدى أذنيه دون أن يلاحظه أحد، وبالتالي قد يستفيد منها في الغش.
هذه الإعلانات تعكس مدى ضعف الوازع الأخلاقي والقيمي لدى مروجيها، ومثل هؤلاء لابد أن تقف لهم الجهات المعنية بالمرصاد، فماذا سنجني إذا تخرج جيل لم يحصد من العلم إلا ورقة، ولم يتكسب من دراسته خلقا أو مبدأ.
على وزارة التربية أن تنتبه وعلى وزارة التجارة أن تكثف من إجراءاتها الرقابية والعقابية.. اللهم هل بلغت، اللهم فاشهد.
[email protected]