سلطان بن سلمان بن حثلين - أمير قبيلة العجمان
تقاس عظمة الامراء والزعماء بقدر ما يحفرونه في ذاكرة التاريخ من مآثر وانجازات، وما يرسونه من اعراف وتقاليد حضارية ومؤسسية في ادارة الدولة، وعلى مدى تاريخها انعم الله على الكويت بثلة من الحكام الاكابر الذين تركوا بصمات واضحة في صرح النهضة الكويتية، واستطاعوا بجدارة واقتدار ان يبنوا الكويت الحديثة، وان يجعلوا منها دولة كبرى في جميع المحافل، رغم صغر مساحتها ومحدودية عدد سكانها، حتى غدت الكويت بفضل هذه الجهود المتراكمة دولة ملء السمع والبصر اقليميا ودوليا.
ومن حكام الكويت الذين نفخر بهم ونعتز بإدارتهم لشؤون الدولة وننتظر توجيهاتهم السديدة في المناسبات الاسلامية والوطنية حضرة صاحب السمو الامير الخامس عشر الوالد «العود» الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح، وقد شاء الله ان نتشرف بلقاء سموه يوم الثلاثاء الماضي في معية كوكبة من وجهاء وابناء قبائل الكويت الاخيار الذين يتفانون في خدمة وطنهم حبا واخلاصا وانتماء.
وكان اللقاء مع سموه يفيض بالدفء وحب الوطن والحنان والحوار الهادف البناء، فقد اعتاد سموه ان يلتقي بأبناء الكويت ويضعهم في صورة التحديات المحدقة بالوطن كلما سنحت الفرصة ودعت الضرورة في مشهد رائع للعلاقة بين الحاكم والمحكوم قلما يتكرر في مجتمعاتنا.
وتلك نعمة كبيرة ان حبا الله تعالى اميرنا بقدرة فائقة على التعامل مع الاحداث الجسام باحترافية سياسية فريدة وحكمة ديبلوماسية خلاقة وابوة نادرة، فكثير من الزعماء يلجأون خلال الازمات الى اصدار القرارات وربما اطلاق العنان لزوار الفجر لانتهاك حرمات البيوت بصرف النظر عن النتائج الا ان حكيم الكويت وصباحها المشرق بابتسامته الساحرة يتعامل بمسؤولية فائقة النظير مع مثل هذه الاحداث، فسموه يتقن فن ادارة الحوار وسياسة الباب المفتوح مع شعبه بجميع فئاته وشرائحه وقبائله مهما كانت التحديات، اذ لا تعرف ثقافة سموه التفرقة بين ابناء الوطن على اساس قبلي او مذهبي او غير ذلك مما آذى اسماعنا عبر بعض وسائل الاعلام، فسموه يطمح كما عبر في خطاباته المتكررة الى الارتقاء بالانسان الكويتي وتحسين مستوى معيشته، وصناعة مستقبل مزدهر لابنائه، وسموه قريب من الشعب يشاركه افراحه واتراحه.
لا تملك وانت تجلس مع سمو الامير الا ان تشعر بالفخر والاعتزاز، لانك في ضيافة حكيم وزعيم كبير عاش في كنف الديبلوماسية والسياسة ردحا طويلا من الزمن، وتقلب في مناصب شتى اكسبته خبرات كبيرة وواسعة، وجعلت منه حاكما شامخا وسياسيا من الطراز الاول، ومحبا لشعبه ومحبوبا من كل ابناء وطنه على اختلاف شرائحهم ومشاربهم، ومدركا للمخاطر، ورغم خطورة بعض التطورات التي تشهدها ساحة ديرتنا على الصعيد السياسي لا نجد منه الا الحكمة والتوجيه السديد والنصح الرشيد والنفس الطويل، فها هو سموه وفي اكثر من مناسبة خلال الفترة الماضية يخاطب الشعب الكويتي، مؤكدا حرصه على الدستور والديموقراطية ومحذرا في الوقت نفسه من اثارة النعرات الطائفية البغيضة التي تستهدف ضرب النسيج الاجتماعي وتفكيك الكويت الى شيع واحزاب متناحرة، وتأتي كلمات سموه المفعمة بحب الوطن والحرص على وحدته الوطنية لتعبر بصدق واخلاص عما يجيش في صدر سموه من احساس بالغضب العارم والألم الشديد جراء التجاذبات التي تشهدها الساحة ومحاولات التكسب الشعبي الرخيص على حساب الوطن ومصالحه العليا.
ان الكويت في نعمة عظيمة يحسدنا عليها الكثيرون، وعلى ابنائها الكرام ان يقدروا قيمة هذه النعمة الجليلة وان يردوا الجميل للوطن بالمحافظة على وحدته الوطنية التي تفيا ظلالها آباؤنا واجدادنا فنهلوا في ظلها الامن والاستقرار والتواصل الاجتماعي بعيدا عن الضغائن والاحقاد واثارة صغائر الامور وسفاسفها.
ولعل اهم مطلب من ابناء شعبنا الوفي هو التجاوب مع النداء المتكرر للوالد القائد والاب الحاني والموجه الراشد والقائد الحاذق سمو الامير الذي يشغله هم ان يعيش جميع ابناء الوطن على نهج الآباء والاجداد في تعاون وتناغم وتكافل لان اثارة الفرقة والتشتت والاختلاف لن تجلب على البلد الا الويلات وكل ابناء الكويت في مركب واحد.
لن انسى ما حييت حديث سمو الامير الصادق الذي تجلت فيه قدرته الفائقة على الاقناع والثقة بالنفس والاخلاص لوطنه وشعبه والحرص على سلامة امن واستقرار الكويت والنظرة المستقبلية الثاقبة، فقد استطاع سموه ان يبدد الكم الهائل من الاحباطات التي تراكمت خلال الفترة الماضية بفعل ممارسات البعض، واعتقد انه آن الاوان للتعاطي الايجابي مع توجيهات سموه للمحافظة على كويت الخير والعزة والكرامة التي اعطتنا الكثير والكثير وبات من واجبنا ان نجزل لها العطاء، اللهم قد بلغت اللهم فاشهد، وحفظ الله الكويت وقادتها وشعبها من كل مكروه.