بقلم: فيصل عبدالعزيز الزامل
٭ حادث الأفنيوز واحد من مسلسل طويل لحوادث قتل وخطف وهتك.. الخ، حوادث ينساها بعضنا مع مرور الزمن، مثل قتل ضابط لزميله في مخفر القادسية أثناء أداء العمل، وخطف الخادمات على أنهن سبايا، أفعال لا معنى لها إلا أن المجرم يشعر بالأمان من العقاب، فالصحف تنقل لنا قصص الذئاب البشرية التي تخطف أطفالا ونساء وتغتصبهم بشكل شبه يومي ولكن لم تنقل إلينا قصة واحدة عن عقوبة طالت أيا من هؤلاء الذئاب، سوى الإيداع في السجن المركزي.
٭ طريقة حدوث هذه الجرائم تشير إلى «سوء تقدير العواقب» لدى الفاعل، كيف يمكن لخلاف عابر في مواقف السيارات مع شخص ليس بينك وبينه معرفة أن يؤدي إلى إزهاق روح إنسان؟! وتغيير حياة أسرته بشكل كامل، حتى أسرة القاتل، كل هذا بسبب موقف سيارة؟! الواضح أن الفاعل لا يتصور بشاعة العواقب، وليس لديه مقياس ولا وعي ولا إدراك لما سيحدث له ولغيره، هو مثل تلك القطط التي تملأ جثثها الشوارع لأنها لا تتصور أن السيارة القادمة من بعيد ستصل إليها في بضع ثوان، لهذا تعبر الشارع بخطوات بطيئة، وتلقى حتفها، بعض البشر يفعلون مثل هذه القطط، أيضا يعبرون الشارع ببطء، وتكثر حوادث الدهس، بسبب سوء تقدير المسافات، والعواقب.
٭ «سوء تقدير العواقب» يمكن أن يحدث بسبب «العناد» الذي يوصل زوجين الى طلاق تمتد آثاره على الأبناء والبنات والزوجة لعشرات السنين، ولو أن الزوجين تصورا تلك العواقب بشكل دقيق ومبكر، لكانت لهما طرق وأفكار جديدة لتجاوز الخلاف.
٭ يحدث «سوء تقدير العواقب» في القضايا العامة بالدولة بسبب «المكابرة» ومحاولة احتكار الحقيقة، بطريقة لا ينفع معها التنبيه إلى خطورة العواقب «يخوفونكم.. ما عليكم منهم».. وإذا وقعت الكارثة تدوره ما تلقاه.
٭ «سوء تقدير العواقب» يكون أيضا لدى الشاب الصغير في تهاونه بالدراسة وتضييعه لمستقبله بالاعتماد على وجود من ينفق عليه، ناسيا أن هذا الأب سيختفي يوما ما، وأنه سيواجه مصاعب الحياة بمفرده، وقد يتمثل سوء التقدير في استخدام آليات ذات دفع ميكانيكي «البقي، الجت..الخ» التي يمكن أن تقذف به في الهواء ليرتطم بالأرض والنتيجة كارثية، هذه العواقب لا تدور في حسبانه، ولكنه اذا كبر ودخل في سن التمييز فإنه يقول لغيره الكلام نفسه الذي كان والده يقوله له، هذا اذا سلم من آثار تلك الآلات وشرورها.
٭ نحتاج الى رفع مستوى الإدراك بالعواقب لدى مختلف الفئات العمرية، مثلما فعلت الزميلة إقبال الأحمد عندما كتبت قبيل الانتخابات الماضية في 21/11/2012 بعنوان «احذروا» منبهة إلى خطورة محاولة عرقلة الناخبين عن ممارسة مسؤوليتهم كناخبين، ما يعرضهم للعقوبات الواردة في المادة 44 من قانون الانتخاب.
٭ نعم، «سوء تقدير العواقب» يمكن أن يضيع وطنا بأكمله، فقد حضرت مناسبة سئل فيها أحد الذين يتزعمون التصعيد عن الخطوة التالية:- «وين بتوصلون؟»، فأجاب: «ما عندي فكرة».
قيل له: «اذا تابعناك فسنصل الى الفوضى الشاملة والاحتراب، وين نلقاك؟» فأجاب أحد الجالسين: «تلقونه عند بقالة في حفر الباطن، بعد أن يحول لنا لكويت الى جحيم، مثل اللي قبله».
باختصار، النظرة القصيرة قد توجد لدى الشاب الصغير وأيضا عند الرجل المسن ما لم يمن الله عز وجل عليه بالحكمة والبصيرة الثاقبة، في وقت مبكر.
[email protected]