بقلم: فيصل عبدالعزيز الزامل
سمعت عن مدرسة في احد البلاد العربية أنشأت ورشة حديثة لتصنيع المقاعد الدراسية وبقية مستلزمات المدارس بشكل أنيق، العاملون فيها هم الطلبة، خارج أوقات الدوام ولساعات محددة يتقاضون معها ايرادا يدعمون به مصاريفهم وعائلاتهم ويشغلون بهذا العمل وقت الفراغ الزائد، والأهم، يعبرون من خلاله عن ابداعاتهم في صناعة الكراسي والأرفف والدواليب والأدراج لحفظ الملفات..الخ، هذا النوع من الأنشطة البدنية الإنتاجية يخرج طالبا جادا مشحونا بالطاقة الإنتاجية قبل دخوله الى سوق العمل.
***
في الكويت يعاني الشباب من الفراغ، وتتفاوت ردود الأفعال وهي ليست متشابهة، هناك من يكتفي بالإزعاج بصوت السيارة وآخر يتسكع في الأسواق ـ خزني واخزك ـ وثالث يتسمر أمام الأجهزة في غرف مغلقة ولا تدري أي نوع من الشحن يتلقاه منها، تطرف وغلو أو تفسخ أخلاقي أو إرباك عقائدي، وجميع تلك الجهات تستفيد من الفراغ وخلو الداخل عند هذا الشباب، خلوه مما يشغل طاقاته بالمفيد من القول أو العمل.
***
جمعيات كويتية كثيرة نجحت خارج الكويت في بناء جامعات حديثة تثق بها دول شيوعية، مثل قرغيزيا، وأفريقية وحتى في اوروبا، ولكنها في الكويت تواجه تشكيكا غير عادل لهذا اكتفت بتوجيه النفع الى شباب تلك الدول وقد رأيت نماذج من خريجي تلك الجامعات والمعاهد في مجالات الحياة المتعددة، مبدعين الى أبعد الحدود، والمرجو أن تحقق وزارة التربية والهيئة العامة للشباب نفس النتيجة في فتح آفاق الإبداع العملي للشباب بشكل انتاجي يرى هؤلاء أثره في مختلف الصور المالية والمعنوية.
***
أذكر أن المدير العام للهيئة العامة للشباب، الأسبق، الأخ الفاضل خالد الحمد اطلع على ما تفعله بعض الجمعيات الكويتية للشباب فأشاد بأعمالها قائلا: «رغم حجم امكانات هيئة الشباب الا أنها لا تقدم نفس النوع من النشاط ولا مستوى الأداء، شكرا لكم».
***
العمل الأهلي يتحرك بحوافز التطوع التي لا تتمتع بها الهيئة الحكومية، خذ موضوع رعاية المدمنين السابقين ومساعدتهم على عدم العودة، ومثله مجال رعاية المعاقين من مختلف أنواع الإعاقة والأعمار، وخذ العناية بالمسنين بطريقة لا تفصل بينهم وبين البيئة الطبيعية، الأسرة، ومسائل كثيرة لم تحقق فيها الهيئات الحكومية ما حققته الجمعيات الكويتية التطوعية، كونها لا تعتمد على العمل الوظيفي بقدر اعتمادها على الإيمان بالرسالة التي تقوم عليها تلك الجمعيات.
***
أعرف شبابا كانوا يشغلون الفريج والمدرسة بمشاكلهم وخناقاتهم فلما استوعبهم العمل التطوعي صاروا مبدعين، فهم مثل الجواد الجموح الذي يصعب ترويضه فإذا توافر له من يوجهه الى ما يلائم ميوله انطلق يسابق الريح، وقديما قالت العرب «إن الضجور لتحتلب العلبة»، أي أن الناقة كثيرة الصراخ غالبا ما تكون غزيرة الحليب.
***
كلمة أخيرة: السيارات التي يتعمد أصحابها ثقب العادم لزيادة حجم الإزعاج لسكان البيوت والمشاة، هذه التصرفات صارت اليوم تحت سيطرة ادارة المرور في استراليا، وانتهت حجة عدم وجود طريقة لضبط تلك المخالفات حيث تضبط كاميرات متخصصة الضوضاء التي تتجاوز الحد المسموح به، وفي الكويت نحن نفتخر بصفة جيدة تتعلق بقلة استخدام صوت المنبه بغير حاجة مقارنة بعواصم عربية أخرى تعاني من هذا السلوك، في المقابل لم يتم ضبط المتهورين الذين يتعمدون الإزعاج للإزعاج فقط، حان الوقت لوضع حد لهذه التصرفات الصبيانية بعد توافر التقنيات الحديثة اللازمة.
[email protected]