- مررنا بـ 10 سنوات من الفوائض لم تمكنا من تحمل عام من العجز
- الأخطر من انخفاض أسعار النفط استمرار سياسة الحلول الترقيعية
ناصر الوقيت
تناول مرشح الدائرة الثالثة في الانتخابات التكميلية عبدالوهاب فهد الأمير عددا من الملفات المهمة على المستوى المحلي بما فيها الملفات السياسية والاقتصادية والخدمية، مسترشدا بأرقام وإحصائيات موثقة.
حديث الأمير جاء خلال افتتاح مقره الانتخابي في منطقة حطين بجانب صالة الجيعان مساء امس الأول حيث استعرض برنامجه الانتخابي بحضور الناخبين الذين ناقشوه في خططه الانتخابية حال فوزه.
على الجانب الاقتصادي، أوضح عبد الوهاب الأمير أن الكويت حققت على مدى 13 عاما فوائض مالية ساهمت فيها الأسعار المرتفعة عالميا للنفط حتى وصلت هذه الفوائض حسب التقديرات إلى 500 مليار دولار، لكن الأسعار العالمية للنفط بدأت بالتراجع حتى وصلت الميزانية إلى العجز، متسائلا عن استراتيجية الحكومة لمواجهته، وهل تقوم استراتيجية التقشف على تحميل المواطنين أعباء الفشل التراكمي للحكومات المتعاقبة وتقليص مكتسباتهم الدستورية؟ وأين استثمارات الكويت وأين الفوائض؟ وكيف أن 10 سنوات من الفوائض لم تمكنا من تحمل عام فيه عجز؟! وأشار عبدالوهاب الأمير إلى أن العائدات النفطية لدول مجلس التعاون الخليجي تشكل 46% من الناتج المحلي الإجمالي، لكنها تمثل لدينا نحو 94% من اجمالي العائدات العامة، وهو الخطأ الكبير الذي وقعت فيه الحكومات والمجالس المتعاقبة.
وأضاف أن إحصائيات صندوق النقد الدولي تشير إلى أن دول مجلس التعاون الخليجي جمعت احتياطيات مالية تقدر بـ 2.45 تريليون دولار، راكمتها خلال السنوات الأخيرة بفضل ارتفاع أسعار النفط، ووفق معهد «المالية الدولية»، فإن دول الخليج تدير نحو 2.28 تريليون دولار عبر صناديقها السيادية، ولذلك فهي قادرة على الصمود عدة سنوات قادمة في حال استمرار تراجع أسعار النفط دون أن تتأثر اقتصاداتها، مشددا على ضرورة العمل بكل جدية للاستفادة من هذه المخزونات في فترة التحول الاقتصادي الكبير الذي يجب أن تشهده الكويت بعد أن انكشفت كل الأمور وأصبحت واضحة لا لبس فيها.
وبين أن معهد الثروات السيادية أعلن أن دول مجلس التعاون الخليجي استحوذت على أكثر من 2.3 تريليون أو 35% من الثروات السيادية بحلول منتصف 2014.
كما أن الكويت والإمارات وقطر لديها أعلى الفوائض من إجمالي الناتج المحلي السنوي لكل منها، وبنسب 24.1% و9.8% و6.6% على التوالي.
كما كشف عبدالوهاب الأمير عن كثير من الإحصائيات والبيانات الصادرة عن جهات حكومية وعالمية تبين حجم الفوائض، حيث سجلت الكويت خلال السنة المالية 2013/2014 ثاني اكبر فائض في السنوات الـ 15 الماضية بلغ 12.9 مليار دينار (45.1 مليار دولار)، بحسب ارقام نشرت على الموقع الالكتروني لوزارة المالية، فيما بلغت العائدات في ميزانية 2013/2014 ما قيمته 31.8 مليار دينار بينها 29.3 مليار دينار من النفط، فيما بلغ الانفاق 18.9 مليار دينار.
وكانت الكويت سجلت فائضا قياسيا بلغ 13.2 مليار دينار في السنة المالية 2011 ـ 2012.
وحققت الكويت خلال السنوات المالية الثلاث الماضية فوائض تراكمية بلغت 38.8 مليار دينار، فيما بلغ اجمالي الفوائض للسنوات الـ 15 الماضية 92.5 مليار دينار (323 مليار دولار)، بحسب احصاء لوكالة فرانس برس.
وقد ساهمت هذه الفوائض في رفع الاصول السيادية للكويت الى 500 مليار دولار، متسائلا عن مصير هذه المليارات وعن خطط استغلالها في المستقبل، كما أشار عبد الوهاب الأمير إلى تحذير صندوق النقد الدولي نهاية العام 2014 من ان انخفاض اسعار النفط قد يعيد مالية الكويت الى العجز اذا ما اخفقت الحكومة في وضع حد للانفاق المتعاظم، حيث قال الصندوق في تقريره الاخير حول الكويت: «ان انخفاضا بمقدار 20 دولارا في سعر برميل النفط قد يؤدي إلى قلب الوضع المالي من الفائض إلى العجز في المدى المتوسط، وذكر صندوق النقد أن سعر النفط المطلوب لتحقيق التوازن بين العائدات والإنفاق قد ارتفع في السنوات الأخيرة وبات يقدر بحوالي 75 دولارا في السنة المالية 2014/2015».
وشدد عبدالوهاب على أن الأخطر من انخفاض أسعار النفط والعجز استمرار الحكومة بنفس طريقة التفكير واتباع سياسة الحلول الترقيعية والقوالب الجاهزة «فكما يبدو أن الحكومة تعتبر المواطنين شركاء في الخسارة لكنهم ليسوا شركاء في الربح».
وبين أن الكويت متأخرة عربيا في حجم الاستثمارات الأجنبية بـ 399 مليون دولار بنسبة 0.9%، حيث إن مجموعة الدول العربية استقطبت نحو 42.960 مليار دولار خلال عام 2011 (وفقا لبيانات توافرت عن 21 دولة عربية)، مقارنة بما قيمته 68.577 مليار دولار تم استقطابها في عام 2010 (وفقا لبيانات الدول نفسها)، ما يعني أن تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الواردة قد انخفضت بنحو -25.617 مليار دولار، أي بما نسبته -37.4% ومقارنة بنحو 76.295 مليار دولار تم استقطابها خلال عام 2009 (وفقا لبيانات توافرت عن 21 دولة عربية) «فيما طردت الكويت في العام 2011 وحده 10.7 مليارات دولار».
وفي الملف التربوي، قال عبدالوهاب الأمير إن كلفة الطالب في مدارسنا الحكومية أكثر من 10 آلاف دولار مع أن الواقع التعليمي لدينا لا يسر محبا، «فمناهجنا تعاني خللا كبيرا ونظامنا التعليمي يركز على الشكليات»، متسائلا عن المعلم وراتبه لا يكفيه لاستئجار شقة ويمضي ساعات يومه متنقلا يعطي الدروس الخصوصية هل سيساهم بدوره المأمول في العملية التعليمية.
وشدد على أن التعليم كان الغاية الأساسية للمدارس والمؤسسات التعليمية لكن اليوم أصبح دورها تنظيميا فقط وانحسر التعليم داخل البيوت فالوالدان هما من يقومان بالتعليم والمتابعة أو من يوكلانه، بالإضافة إلى أن البيئة التعليمية اليوم مملة والأنشطة المدرسية أصبحت وسيلة للابتزاز المادي لأولياء الأمور فإن لم يدفع تراجعت معدلات أبنائه وبناته.
وفي الملف الصحي، قال عبدالوهاب الأمير إن ميزانية الصحة لدينا وصلت إلى 2 مليار دينار لكن تستهلك معظمها الرواتب والأجور والإصلاحات والعلاج بالخارج فلا يتبقى لجوهر العملية إلا الفتات، متسائلا: كيف أن مرافق مهيأة لعلاج مليون شخص يمكن أن تعالج 4 ملايين؟ وكيف نتوقع من طبيب أن يؤدي دوره في مركز صحي ومطلوب منه أن يعالج 80 مريضا يوميا؟
وأكد أن المشكلة لدينا ليست بالأجهزة ولا الكادر البشري ولا الميزانية بل هي المشكلة في النظام الذي يدير هذه المقومات إدارة خاطئة فينتج خدمات لا تحقق رضا من يحتاجون إليها.
أما فيما يتعلق بالشباب وصناعة المستقبل، فقد ركز على أن صناعة المستقبل علم قائم بذاته وله مفكروه واختصاصيوه الذين تعتمد عليهم الدول في وضع الاستراتيجيات العامة للدولة لتسير وفق خطط مدروسة بأطر زمنية واضحة ومقومات أساسية من أهمها التركيز على الكادر البشري بشكل عام والشباب بشكل خاص، مبينا أن الشباب الكويتي لا ينال ما يستحقه من الرعاية والاهتمام ليتم تأهيله بالشكل الصحيح ويكون قادرا ومتمكنا من القيادة والإنجاز «فما تقوم وقامت به الحكومات المتعاقبة ما هو إلا إجراءات شكلية تضمنت بعض الندوات والمؤتمرات وبناء بعض المرافق الترفيهية ومراكز الشباب دون الدخول إلى العمق في استقطاب الشباب وتحويل اهتماماتهم إلى العمل والإنجاز وحب المعرفة والاطلاع والتجربة.
الشباب الكويتي يتمتع بالوعي والحس الوطني والإبداع ولا ينقصه إلا بعض الاهتمام والرعاية والتوجيه من قبل الحكومة إذا كان لديها النية الصادقة في تطوير الدولة وإرساء دعائم القوة والإنجاز فيها.
وتطرق عبد الوهاب الأمير إلى واقع المرأة في الكويت قائلا إنه ورغم أن واقع المرأة في الكويت يعد أفضل حالا من واقع المرأة في الخليج، إلا أن المرأة الكويتية ما زالت تعاني الكثير من القوانين المجحفة، مشيرا إلى أن المرأة المطلقة أو التي لم تتزوج يعتبر السن التقاعدي لديها أعلى بـ 5 سنوات من مثيلاتها المتزوجات حتى لو لم يكن لديهن أولاد.
وأضاف «إذا عرفنا حقيقة ان نحو نصف الكويتيات اللواتي يتزوجن سنويا لا يكملن حياتهن الزوجية ويحصلن على الطلاق، حيث بينت الأرقام أن نسبة الطلاق بين الكويتيات تصل إلى أكثر من 43% وأن أكثر من 128 ألف فتاة كويتية وصلت سن الزواج ولم تتزوج ندرك حجم الظلم الواقع على المرأة وبالقانون».
وأشار إلى أن أولاد الكويتية المتزوجة من أجنبي، حيث يمنعها القانون من المطالبة بالجنسية لأبنائها إلا إذا طلقت طلاقا بائنا أو مات زوجها، رغم أن الدستور الكويتي قد نص في المادة 29 على أن: «الناس سواسية في الكرامة الإنسانية، وهم متساوون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة، إلا أن الواقع يعكس غير ذلك فقانون الجنسية رقم 15 لسنة 1959، فقد نص في المادة 2 على أنه يكون كويتيا كل من ولد في الكويت أو في الخارج لأب كويتي مستبعدا المرأة الكويتية من منح جنسيتها لأبنائها»، وهناك أيضا مشكلة الكويتية التي لم تتزوج أو عادت مطلقة إلى بيت والدها، فإذا توفي هذا الوالد وقرر الورثة بيع المنزل فأين ستذهب هذه الفتاة التي لا يمكنها شراء بيت ولا يمكنها استئجار شقة ولا يمكنها حتى أن تكون نزيلة بأحد الفنادق؟
كما تناول عبد الوهاب الأمير قضية أزمة الأمن المجتمعي لافتا إلى أن الكويت تعاني من خلل كبير في التركيبة السكانية إذ ان أعداد الوافدين تصل إلى 3 ملايين نسمة مقابل 1.4 مليون كويتي، وهذا يعني أن أعداد الوافدين هي ضعف عدد المواطنين والمشكلة الأخطر أن غالبية هؤلاء هم من العمالة الهامشية وخدم المنازل، مما يعني أعباء كبيرة على الدولة في الخدمات المختلفة المقدمة لهم وحجم الدعم الذي يستفيدون منه.
وأضاف أن معظم هؤلاء يدخلون الكويت دون تأهيل ودون التأكد من سلامتهم النفسية والأخلاقية والثقافية والاجتماعية «ونكتفي فقط بالتأكد من لياقتهم الصحية وهذا أمر خطير، فالطفل الذي يترك في عهدة خادمة غير مؤهلة أخلاقيا أو دينيا أو نفسيا يعتبر في خطر وكذلك المريض في عهدة الممرضة أو الطبيب أو الطالب في عهدة المدرس»، مشيرا إلى ضرورة التأكد من سلامة هؤلاء الأخلاقية والنفسية والاجتماعية قبل التأكد من سلامتهم الصحية.
وفي ختام كلمته، توجه عبد الوهاب الأمير بالشكر والتقدير من جميع الحاضرين، آملا أن يختاروا من يمثلهم بالشكل السليم ويكون صوتهم الواضح نحو كويت أفضل بإذن الله.