الصورة الجميلة التي قدمتها عن تجربتي مع مستشفى الرازي من حيث الخدمة التمريضية ورقيها تعاكسها تماما تجربتنا مع اللجان الطبية في هذا المستشفى، وانني حين أتطرق لهذا الموضوع فبغرض وضع الصورة أمام المسؤولين عسى أن يبحثوا في الأمر بجدية ويصلحوا ما يمكن إصلاحه.
أول ما يواجهك في طلب لجنة للعلاج بالخارج في هذا المستشفى أن رئيس اللجنة هو نفسه الطبيب المعالج، ولا اعرف كيف يكون هذا الطبيب شاهدا على نفسه بالقصور كون طلب العلاج بالخارج يعني فيما يعنيه عدم قدرة ذلك الطبيب على المعالجة. وبالطبع سيتم رفض الطلب لأنه لا يمكن للطبيب أن يقول أنا لا استطيع معالجة هذا المريض، وهنا تبدأ معاناة المريض وأهله والبحث عن الواسطة بما يدل على أن خلق الواسطة هو إجراء حكومي صرف.
وحين تقابل اللجنة، فاللجنة لا تستمع لشكواك بقدر ما يهمها إثبات صحة ما تم عمله، وان تطرق الحديث للوضع المستقبلي للحالة وان قدمت تقارير اعظم بروفيسور في العالم فلن يتم الاهتمام بذلك بل يكون مصيرك الاستهزاء من قبل اللجنة والازدراء والاتهام بأنك تبحث عن المتاعب، وتأتي النتيجة برفض الطلب، ولو طلبت لجنة أخرى لا يكون الطبيب المعالج عضوا فيها، فهنا تبدأ المجاملات على حساب المهنية، وبالتالي تتم تزكية عمل الطبيب الزميل ورفض الطلب، والمضحك المبكي أنك حين تطلب العرض على لجنة حسب وضعك الصحي من حيث الاختصاص تقوم هذه اللجنة بعرضك على اللجنة الأولى التي قامت بالعلاج حتى وان كانت الحالة الآن تختلف، لكنها المجاملات أو ربما الخوف من اتخاذ قرار أو أمور لا نعرفها، لكن النتيجة ضياع الوقت والجهد وأيضا رفض الطلب.
انني حين أقول هذا فلا يفوتني القول بأن هناك من الأطباء الشجعان الذين يضعون أصابعهم على الخلل بكل وضوح ويطرحون طريقة العلاج المطلوب، لكن هؤلاء الأطباء يبقون أفرادا لا حول لهم ولا قوة في تغيير نظام معمول به حتى وان تأذى منه الناس وحتى وإن كان نظاما فاشلا أو مهترئا لا يناسب العصر وتطور وتعقد الحالات، وان كان بالإمكان فلابد من أن ازجي كلمة ثناء وعرفان للدكتور محمد الصفي من وحدة القدم وبعض زملائه بنفس الوحدة لحسن تشخيصهم ودقة اقتراحهم.
في كثير من الحالات يتطلب الوضع مناقشة الحالة من قبل اكثر من طبيب واكثر من تخصص حتى قبل إجراء العملية أو العلاج وذلك لضمان التكامل وتفادي الخلل، ولقد أخبرني أحد العاملين في مستشفى ألماني معروف بأن الأطباء الجراحين قبل إجراء أي عملية يجتمعون من مختلف تخصصاتهم لمناقشة الحالة المزمع إجراء جراحة عليها للاتفاق على كيفية العملية وما احتياطاتها.
لا تظن وزارة الصحة أو بالأحرى أطباؤها أننا لا نقرأ عن الحالات وكيفية علاجها ومضاعفات ذلك، وعليهم أن يتقبلوا ذلك بكل رحابة صدر، وأن يتعاملوا معه لا كتحدٍ لعلمهم وخبرتهم، ولكن كعامل مساعد لما يقومون به وان كانوا يرون عدم صحة ما نقرأ فعليهم أيضا أن يخبرونا لماذا من دون تشنج أو غضب أو زعل فمن حقنا عليهم أن يطمئنونا بصحة وجهة نظرهم في مقابل الكم الهائل من المعلومات المتاحة سواء من أطباء آخرين أو من مواقع طبية معروفة، أما اعتماد أسلوب البحث عن وجهة نظر طبية أخرى من طبيب آخر فيجب ألا يغيظ أطباءنا بل العكس تماما عليهم أن يعتبروه تحديا لهم وبحث الموضوع من زاوية أخرى وليت الوزارة تنشر ثقافة أخذ رأي طبي آخر بين أطبائها والقبول به.
[email protected]