السلام بين دول ضفتي الخليج كان ولا يزال حلم شعوب المنطقة، وهو اشتراط رئيس لتحقيق التنمية فيها ولتطورها، إلا انه طموح يتعذر تحقيقه في الوقت الراهن وما يمكن السعي إليه حاليا هو تجميد الصراع بين إيران ودول الخليج العربية، فطبيعة النظام السياسي الثيوقراطي في إيران لا تسمح بقيام سلام في المنطقة لمجموعة من العوائق والأسباب، أهمها مبادئ الثورة الإسلامية المستندة إلى نظرية الولي الفقيه التوسعية وما يعتبره النظام دوره الشرعي وواجبه المقدس في حماية المذهب الشيعي ونشر التشيع في العالم والتصدي لانتشار المذهب السني الذي يعتبره الكثيرون محرفا ومنحرفا عن صحيح الإسلام، ويؤيد الدستور الإيراني هذه القيم والمعتقدات بأسلوب التقية المستتر، وسيصطدم اي مشروع للسلام باستمرار ايران في تنفيذ استراتيجيتها التوسعية والتي هي وسيلتها لتحقيق مبادئ وأهداف الدولة الإسلامية المشار إليها وانسحابها من اي من الدول العربية التي تهيمن عليها ـ وهو مطلب مهم لدول الخليج ـ غير وارد، فهي في حساباتها مخالفة لالتزاماتها العقائدية والدستورية.
يجني الأئمة والشيوخ في إيران ثروات طائلة ولا يسألهم الإيرانيون عنها، إذ يعتبرونها مخصصة لحماية الدين والمذهب، ويضمن استمرار التوتر بين دول الخليج وإيران تدفق هذه الأموال عليهم ويمنحهم المكانة السياسية والاجتماعية الرفيعة والنفوذ.
على ضفة الخليج الغربية يضيف بعض المتشددين السُّنة أسبابا أخرى لاستدامة الخلاف مع إيران بتكفيرهم المستمر للمذهب ولاتباع الولي الفقيه ورفضهم العلني للتقارب معهم، ولإهمال الجماعات السنية الوسطية احتواء التشيع باعتبارها الأغلبية المتاح لها استيعاب الأقلية وإذابتها فيها كما في تجربة الدولة الفاطمية في مصر التي لم تنجح في نشر التشيع فيها على مدى 300 عام وذاب المذهب الجديد وانصهر في الغالبية السنية.
ادت حالة الضعف التي تلت ثورات الربيع العربي وتشتت القرار وتعدده مقابل رأي موحد لنظام ايراني صلب متماسك الى توجه الغرب للرهان على ايران لتحجيم المد السني الذي بات يهدد المسيحية في اوروبا والعالم عموما، وتقاطعت مصالح الولايات المتحدة في تصدي ايران للحركات السنية التكفيرية كالقاعدة وداعش نيابة عنها مقابل السماح لها بالتمدد والهيمنة على العراق وسورية ولبنان واليمن، وقد كان، الامر الذي اضاف تعقيدا وتعطيلا جديدا للسلام فإيران لا تجد اي دافع حقيقي يضطرها له ولا اي مبرر لتقديم تنازلات من اجله، وليس امام دول الخليج الا انتظار تأثير العقوبات الأميركية عليها املا في السلام وفق حالة وشروط افضل.
[email protected]