إن المطلع على أحوال المجتمع يلاحظ حالة من الضجر والتشاؤم والانتقاد، وتعد هذه الحالة من مؤشرات انعدام الثقة المجتمعية بمنظومة العمل الحكومي.
والمؤشرات الدولية للأداء المؤسسي في الكويت تؤكد ان لدينا مشكلة انعدام ثقة بين المواطن المستفيد والمؤسسة الخدمية.
وما يؤكد هذه الحالة (حالة انعدام الثقة في المؤسسات الحكومية) تلك السمة التعبيرية الضجرة والممزوجة بالانتقاد والتشاؤم والتي يتسم بها أغلب الكويتيين، فما أن تقابل أحدهم وتفتح معه حوارا حتى يبادرك بالتعبير عن عدم الرضى والتشاؤم والضجر من الأداء الحكومي.
وهنا يجب أن نقرع ناقوس الخطر ونحث الحكومة ممثلة بمؤسساتها للعمل على إعادة بناء الثقة بين المواطنين والمؤسسات الحكومية، وهذا لا يتم بصورة عشوائية أو ارتجالية بل يتطلب إستراتيجية مدروسة بعناية وقيادة راغبة في العطاء ودعائم محفزة للنجاح.
ومن خلال تجربتي الوظيفية فإنني أكاد أجزم بأن المشكلة تكمن في عدم الرقابة والمحاسبة بالأجهزة الحكومية، فالغالب يبدأ مشروع وينتهي ولم يحقق أهدافه الموضوعة، بل إن أكثر ما يميز المشاريع الحكومية - سواء إنشائية أو فنية أو تنموية بشرية - هي الأوامر التغييرية التي تكلف في العادة مبالغ تتجاوز(30%) من قيمة المشاريع الأصلية.
القيادة التنفيذية في الكويت أحد أخطر العوامل المعززة لفقدان الثقة في المؤسسات، فالسمة الغالبة في الاختيار للمناصب القيادية هي البعد الاجتماعي والترضيات السياسية على حساب الوطن ومستقبله.
إن حالة التجميد المؤسسي التي يقودها ديوان الخدمة المدنية تنذر بفقدان روح المبادرة والتميز في الأداء، فلا يعقل أن يكون التعيين في المناصب وفقا للأقدمية ولا يجوز - إن كنا ننشد النهوض بالبلد - أن نغفل عوامل نجاح التجارب الدولية المميزة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية التي قامت على مبدأ تمكين المتميز ومحاسبة المقصر. فقد اعتمدت ماليزيا في نجاحها على جهازين (جهاز الأداء المتميز + جهاز مكافحة الفساد) ورفع الحصانة الوظيفية عن الكل.
إن المؤسسات الحكومية ـ تنفيذيا- تتحطم على صخرة قانون الخدمة المدنية، الذي للأسف يتسم بالجمود والمركزية المطلقة، وما زاد الطين بلة هو وجود قيادات كبرى تسعي للسيطرة غير المحمودة على المؤسسات الحكومية من خلال التشدد في القرارات والنظم وهو ما يغيب روح المبادرة ويذهب التألق المؤسسي.
الحكومة مطالبة بالعمل على بناء الثقة بالمؤسسات الحكومية وأن تكون مرنة ومنفتحة رقابيا وتنفيذيا وإلا ستدخل تلك المؤسسات في موت إكلينيكي يغيب معه القرار ونتخبط في مستقبلنا.
@dralsharija