أعلنت وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" توجه حاملة الطائرات "يو إس إس نيميتز" إلى منطقة الخليج مع مجموعة من السفن الحربية الأخرى، بعد ساعات من الإعلان عن مقتل العالم النووي الإيراني محسن فخري زاده، الذي كان الغرب يشتبه منذ فترة طويلة بأنه العقل المدبر لبرنامج سري للقنبلة النووية الإيرانية، وسط مخاوف من تفجر مواجهة بين إيران وخصومها في الأسابيع الأخيرة من ولاية الرئيس دونالد ترامب.
لكن مسؤولا بـ"البنتاغون" أكد أن تحريك حاملة الطائرات إلى الخليج كان مقررا قبل اغتيال العالم النووي الإيراني، حسبما نقلت عنه شبكة "سي ان ان" التي قالت إن توجه الحاملة سيوفر دعما قتالياً مع انسحاب القوات الأميركية من العراق وأفغانستان.
وقد دعت الأمم المتحدة الأطراف المعنية إلى ضبط النفس بعد مقتل العالم النووي الإيراني.
وتأتي هذه التطورات بعد أيام قليلة من إعلان الجيش الأميركي إرساله قاذفات "B52" الأميركية العملاقة إلى الشرق الأوسط وبعد اسابيع من تأكيدات مسؤول أمريكي أن ترامب سعى للحصول على خطة من مساعدين عسكريين لتوجيه ضربة محتملة لإيران، لكنه عدل عن هذا القرار آنذاك بسبب خطر نشوب صراع أوسع نطاقا في الشرق الأوسط.
ويتوقع محللون أن هذه التطورات لاسيما مقتل فخري زاده، الذي يوصف برأس البرنامج النووي الإيراني، والذي فارق الحياة في المستشفى بعد أن أطلق عليه مسلحون النار في سيارته في ضواحي طهران، سيؤدي إلى تعقيد أي جهد يبذله الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن لإحياء الوفاق النووي الذي انسحب منه ترامب .
وأشارت إيران بإصبع الاتهام إلى إسرائيل مع ما يتضمنه ذلك من أن الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته ترامب بارك عملية القتل.
وقال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف على تويتر، إن هناك "مؤشرات خطيرة على دور إسرائيلي" ودعا الدول الغربية إلى أن "تنهي معاييرها المزدوجة المخجلة وأن تدين هذا العمل الذي هو إرهاب دولة".
وتوعد حسين دهقان المستشار العسكري للزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي على تويتر قائلا "سنضرب مثل البرق قتلة هذا الشهيد وسنجعلهم يندمون على فعلتهم".
وأضاف "في الأيام الأخيرة من الحياة السياسية لحليفهم (ترامب) يسعى الصهاينة إلى تكثيف الضغط على إيران وإشعال فتيل حرب شاملة".
وقال نائب الأمين العام لحزب الله اللبناني الشيخ نعيم قاسم إن الرد على اغتيال العالم الإيراني بيد إيران.
وأفادت قنوات على تطبيق تليغرام للتراسل المشفر يُعتقد أنها قريبة من الحرس الثوري الإيراني، بأن أعلى هيئة أمنية، المجلس الأعلى للأمن القومي، عقد اجتماعا طارئا مع كبار القادة العسكريين.
ولطالما وصفت أجهزة المخابرات في إسرائيل ودول غربية فخري زاده، بأنه قائد برنامج سري للقنبلة الذرية توقف عام 2003 وتتهم إسرائيل والولايات المتحدة طهران بمحاولة إعادة تشغيله في السر. وتنفي إيران منذ فترة طويلة أنها تسعى لإنتاج أسلحة نووية.
ويُعتقد أن فخري زاده ترأس ما تعتقد الوكالة الدولية للطاقة الذرية وأجهزة المخابرات الأميركية أنه برنامج أسلحة نووية منسق في إيران، لكن تم وقف العمل بالبرنامج في 2003.
وقالت القوات المسلحة الإيرانية في بيان نقلته وسائل الإعلام الحكومية: "للأسف.. لم يتمكن الفريق الطبي من إنعاشه ".
وكانت وكالة أنباء تسنيم شبه الرسمية قالت في وقت سابق إن "إرهابيين فجروا سيارة أخرى" قبل أن يطلقوا النار على سيارة تقل فخري زاده وحراسه في كمين خارج العاصمة.
وفي السياق ذاته، قال روبرت مالي الذي عمل مستشارا لأوباما في الملف الإيراني ويقدم المشورة بشكل غير رسمي لفريق بايدن إن قتل فخري زاده يأتي في إطار سلسلة من التحركات التي تمت خلال الأسابيع النهائية في ولاية ترامب وتهدف إلى زيادة صعوبة مهمة بايدن المتعلقة بإعادة التواصل مع إيران.
وتابع قائلا "أحد الأهداف هو ببساطة إلحاق أكبر ضرر ممكن بإيران اقتصادياً وببرنامجها النووي بينما يمكنهم ذلك، والهدف الآخر هو تعقيد مهمة بايدن المتعلقة باستئناف المساعي الدبلوماسية والعودة للاتفاق النووي" مشيراً إلى أنه لا يقصد بذلك إطلاق تكهنات بشأن الجهة المسؤولة عن عملية الأغتيال .
وفي يناير الماضي قتلت ضربة أميركية بطائرة مسيرة في العراق قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري قاسم سليماني، أقوى قائد عسكري في إيران. وردت إيران على هذا الهجوم بإطلاق صواريخ على قاعدة أميركية في العراق، الأمر الذي وضع الخصمين على شفا حرب.
وكان فخري زاده شخصية محورية في عرض قدمه نتنياهو في 2018 وكشف فيه معلومات من الأرشيف النووي الايراني، قال إن الموساد حصل عليها، متهماً إيران بمواصلة السعي لامتلاك أسلحة نووية.
وقال نتنياهو آنذاك "تذكروا هذا الاسم.. فخري زاده" وهو يعرض صورة نادرة له.