بيروت ـ عمر حبنجر
غدا أو بعده تنجلي حقيقة أسباب ودوافع المماطلة في تأليف الحكومة اللبنانية، وهل العلة في محطة الانتخابات الرئاسية الأميركية التي ينتظر الكثيرون في الشرق الأوسط نتائجها ليبنوا على الأمر مقتضاه، أم هي مفاوضات ترسيم الحدود مع اسرائيل، أم هي في ظاهر ما نراه من اختلافات داخلية على الحصص والأعداد والأسماء أحيانا؟
ظاهر الأمور ان الرئيس المكلف سعد الحريري غير قادر على الخروج عن نطاق المبادرة الفرنسية، ببعديها العددي، بين 18 و20 وزيرا، والنوعي وزراء اختصاص، والرئيس ميشال عون غير راغب في الخروج عن تطلعات حزب الله الذي يريد حكومة أوسع لتأمين تمثيل حلفائه، ولا عن رؤية رئيس تياره، النائب جبران باسيل، حامل أختام الرئاسة.
يضاف الى ذلك، اعتقاد البعض بأن المبادرة الفرنسية، التي يتمسك بها الحريري، ذهبت مع رياح الاضطرابات التي تشغل صاحبها والمراهن عليها الرئيس ايمانويل ماكرون وأجهزته الديبلوماسية والأمنية، المعنية بمتابعة الأوضاع اللبنانية، وبالتالي لا مبرر للتوقف امام حذافيرها التفصيلية، على الأقل.
رئيس مجلس النواب نبيه بري قال أمس إنه لا مشكلة لديه بعدد الوزراء، 18 او 20. وأضاف لـ «النهار»: كنا ولانزال مستعجلين على تشكيل الحكومة، رافضا أي ربط لتشكيلها بنتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية التي تجري اليوم.
أما الرئيس المكلف سعد الحريري، الذي يبدو الاعتذار بالنسبة اليه انكسارا امام المعرقلين، فيتجه الى رمي الكرة في الشباك المقابلة، عبر تقديم تشكيلة حكومية ناجزة للرئيس عون، هذا الأسبوع، ليوقعها، او يطلب إعادة النظر في النقاط المطلوبة، كما يعيد تقديم التشكيلة المحددة الى رئيس الجمهورية مجددا.
رئاسة الجمهورية دخلت على خط السجالات الاعلامية حول عرقلة التشكيل بالتأكيد عبر مكتبها الاعلامي على «ان التشاور في شأن تشكيل الحكومة يتم حصرا بين الرئيس عون والرئيس الحريري، ولا يوجد أي طرف ثالث في المشاورات، لاسيما النائب جبران باسيل، علما ان هذه المشاورات لاتزال مستمرة بما تفرضه المصلحة الوطنية العليا».
نائب بيروتي أبلغ مرجعا معنيا أمس بأنه لا يرى حكومة جديدة بعد الانتخابات الأميركية، وان الأمر سيطول، لكن الرئيس المكلف لن يعتذر.
واضافة الى التعقيدات الداخلية، سأل النائب المتابع: مَن مِن الدول العربية الوازنة هنأت الرئيس المكلف بتكليفه؟ وقال انه لا يتوقع من هذه الدول تقديم التهنئة، وبالتالي المساعدة، بعد التأليف، هذا إن حصل! وعما ينتظر الحكومة في حال تأليفها، قال النائب عينه: البعض يتوجس من عملية توقيع ترسيم الحدود مع اسرائيل، والراهن ان هناك ما هو أخطر ينتظرها، ألا وهو وضع البلد تحت سلطة صندوق النقد الدولي، وبالتالي إفلاسه، حيث سيكون دور الحكومة دور وكيل التفليسة، ما يضع موجودات الدولة اللبنانية ـ بما فيها الذهب ـ في المرمى!
وفي هذا السياق، أعرب نائب بيروت فؤاد مخزومي عن خشيته من اتجاه الأمور اللبنانية نحو الأسوأ، وطالب بعد لقائه مفتي لبنان الشيخ عبداللطيف دريان بتشكيل حكومة إنقاذية تحقق مطالب ثوار 17 أكتوبر، خصوصا ما يتعلق بـ «التدقيق الجنائي» ومكافحة الفساد واسترداد الأموال المنهوبة، وإلا فالأمور نحو الأسوأ في ظل غياب الدعم الدولي والعربي.
من جهته، حذر نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي من انه اذا لم يتم تشكيل الحكومة هذا الأسبوع فإن الاوضاع ستأخذ مسارا انحداريا الأسبوع المقبل.
وفي تغريدة له صباح أمس، توجه رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الى من تساءلوا عن مبرر ابتعاد «القوات» عن التشكيلة الحكومية، بالقول: هل رأيتم الآن لماذا أحجمت القوات اللبنانية في مسألة الحكومة؟ مادام الثلاثي الحاكم حاكما، فلا أمل بأي خلاص، واضاف: سنكمل بلا هوادة حتى إعادة «تشكيل السلطة».
الهموم السياسية لا تشغل اللبنانيين عن هم كورونا المقيم بين ظهرانيهم، مع ارتفاع سقف الإصابات اليومية الى حدود الألفين.
وأمام عجز المستشفيات عن الاستيعاب وتدخل السياسة والقضاء ضد قرارات إقفال القرى والبلدات، وقد طالب وزير الصحة د.حمد حسن بإقفال عام للبنان طوال شهر كامل، لأن الإقفال الجزئي لم يثمر.
وتوقع حسن ارتفاع الاصابات اليومية الى 10 آلاف اصابة، بين من تظهر عليهم عوارض ومن لا تظهر. واشاد بإقفال المدارس.
ولكن هل بإمكان فرض الإقفال الشامل، في وقت يشرِّع «كازينو لبنان» ابوابه، اعتصم اصحاب ما يسمى بـ «قطاع السهر»، أي الملاهي الليلية والكباريهات، امام وزارة الداخلية امس، مطالبين بالسماح بالعودة للعمل، وهنا يصح السؤال: ما ذنب المطر اذا تحولنا إلى وحل؟!