بدأت ايران في برنامجها للطاقة النووية في خمسينيات القرن الماضي وتوقفت إبان حياة الإمام الخميني الذي أفتى بحرمته وعادت بتوسع بعد وفاته وبتركيز على إنتاج الأسلحة النووية وتركيبها على منصات الإطلاق وتقول وكالة الطاقة الدولية الذرية ان ايران حققت نجاحات كبيرة شجعتها على البدء في إنشاء المفاعل الثاني في بلدة دارخوين، وقد سمحت الاتفاقية التي وقع عليها الرئيس اوباما ومجموعة الـ5+1 في أبريل 2015 لإيران بتطوير السلاح النووي بعد 10 سنوات من توقيعها، ورأي الرئيس ترامب خطورة هذا البند في الاتفاقية - ضمن بنود اخرى رفضها - وضرورة منع ايران نهائيا عن تطوير السلاح النووي، رفضت ايران التوقيع على اتفاقية ترامب مما حدا بأميركا الى استخدام سلاح المقاطعة الاقتصادية لفرضها، والحقيقة ان العقوبات الأميركية والغربية ضد ايران لم تتوقف منذ ثورة الخميني ورغم ذلك لم يهتز النظام الثيوقراطي الجديد ولا عجز عن خوض حرب عبثية ضد العراق استمرت 8 سنوات وانتهت بعودة كل طرف الى حدوده.
ان تشديد العقوبات المتوقع هذه الأيام قد يضر بالشعب الايراني لكنه لن يضر بالنظام فله اذرع متعددة تضمن توفير سبل بقائه والحفاظ على قوته العسكرية، فقد استطاع شراء السلاح طيلة الحرب العراقية ـ الإيرانية حتى من اسرائيل - فيما عرف بإيران غيت- رغم الحظر المفروض عليه آنذاك مستخدما طرقا مشروعة وغير مشروعة كبيع نفطه في مخالفة للحظر في السوق السوداء وبيع السلاح في اميركا اللاتينية وغسيل الأموال في مصارف ايران وغيرها من الأساليب المحظورة دوليا سيلجأ لها النظام ثانية كردة فعل تجاه تشديد العقوبات عليه.
ان انتظار تأثير مفعول الحظر على النظام الإيراني أمر يصعب تحديد توقيته ومداه كما انه يعطي ايران وقتا للمناورة وربما حتى احتلال بعض دول الخليج للمساومة عليها فمخاطره اذن لا تقل عن مخاطر انهيار النظام والفراغ الذي سيعقب سقوطه، ولقد اثبتت حرب احتلال العراق امكانية السيطرة على الفراغ المتوقع، كما ان الاستمرار بالضغط على النظام باستخدام سلاح المقاطعة منفردا سيتيح له استرجاع قدراته النووية فضلا عن استمرار تهديده للخليج وبذره لخلايا ارهابية فيه قد تنجح في اشعال الفتنة الطائفية في دوله مما سيهدد انظمة الخليج واستقرار دوله ويعطي لإيران مبررا عقائديا للتدخل فيها، ولهذا فإن التدخل العسكري ضد ايران بما يحمله من خطر الفوضى السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تصاحبه يظل بالنسبة للخليجيين حلا مقبولا يزيح عن كواهلهم هما معطلا للتنمية، فضلا عن انه الحل الأمثل عربيا لتحرير العراق وسورية ولبنان واليمن من الهيمنة الإيرانية المباشرة وغير المباشرة للميليشيات التابعة لها كحزب الله والأحزاب والتنظيمات الشيعية العراقية المسلحة والحوثيين.
[email protected]