يقدر ابن خلدون عمر الدول بـ 120 سنة يعايشها 3 أجيال من شعوبها، وتمر خلالها بـ 5 أطوار هي طور «الظفر» وفيه يتحدد الملك ونهج الدولة ثم طور «الاستبداد» وبه تترسخ قواعد الملك للحاكم وتنشغل الدولة بتثبيت كيانها، ثم طور «الدعة والترف» يعم خلاله الرخاء ويعيش الناس في سعة وتمر الدولة بأوج ازدهارها، ثم الطور الرابع وهو طور «الخنوع والموادعة» وفيه تكتفي الدولة بما كان لها من إنجازات سابقة ولا تطور عليها ولا تجدد بها، ثم طور «الإسراف والتبذير» وفيه تسيطر بطانة السوء على الحكم فيعم الفساد والإسراف على البطانة ويبدأ الانهيار وتظل الدولة عاجزة عن إنقاذ نفسها فتبدو مستسلمة كأنها تنتظر النهاية.
في الكويت نعيش خليطا من الأطوار الـ 5 في الوقت نفسه، فبينما يقدم الديوان الأميري إنجازات تفوق تلك التي تتحقق فيما وصفه ابن خلدون بطور الدعة والترف نجد ان الوزارات تعيش حالة من الجمود أشبه بتلك التي وصفها في طور الدولة الرابع (الخنوع والموادعة) ومن علاماته عجز الحكومة عن إعادة تأهيل الطرق التي دمرت اثر هطول غزير للأمطار تأثرت به البلاد في شهر نوفمبر الماضي اي قبل نحو 8 أشهر.
بينما نرى إنجازات علمية رائدة على المستويين العربي والدولي لشابات وشبان الكويت يظل التعليم يراوح في خانة التراجع، حيث وضعه التصنيف الدولي للجودة في المرتبة الـ 104 بين 142 دولة والمرتبة الأخيرة خليجيا! وبالرغم من ان عمر جامعة الكويت - وهي الجامعة الحكومية الوحيدة - قد تجاوز الخمسين عاما نجد ان أحدا من أساتذتها لم يبرز دوليا ولا خليجيا او عربيا وقبعت هي ولا تزال في مركز متراجع على مقياس QS الدولي إذ تنتقل بين المركز الـ 600 و1000.
وينطبق هذا على القطاع الصحي فقد منحت الدولة تراخيص لمستشفيات خاصة عاجزة عن التعامل مع الحالات الحادة والحرجة اي انها لا تزيد على كونها عيادات خارجية مزودة بأسرة للنقاهة ولعمليات اليوم الواحد!
فإذا حاولنا تطبيق أطوار ابن خلدون تأسيسا على هذين المرفقين الخدميين اللذين يقاس بهما رفاه الشعوب فستجيء الكويت في الطور الرابع او الخامس من أطوار الدولة.
ان الخروج من هذه الأزمة يتطلب رفع الروح المعنوية للأمة وتعزيز ثقتها بالدولة وهذا يتأتى بالقضاء على الفساد أولا وبوضع إستراتيجية وخارطة طريق غايتهما الانتقال بالدولة الى الطور الثالث الذي هي أهل له، يشارك في وضعهما كل المؤهلين والمهتمين من الأمة وبالاستعانة بخبرات دولية مناسبة.
[email protected]