نهضت 4 دول آسيوية من ركام الحروب والتخلف والحكم الدكتاتوري والتهديد الأجنبي المستمر لكياناتها لتصبح من أعظم دول العالم مكانة وأقواها اقتصادا وأكثرها تأثيرا إيجابيا على نمو البشرية وتقدمها، هذه الدول هي الصين واليابان وكوريا الجنوبية وسنغافورة، فالصين اليوم هي ثاني أقوى اقتصادات العالم، وتتبادل اليابان وألمانيا المركز الثالث في متانة الاقتصاد، بينما أصبحت سنغافورة الصغيرة احد نمور آسيا الأربعة الكبار وانضمت كوريا الجنوبية للعشرين العظام.
مجموعة من العوامل صنعت من هذه الدول التي تعاني من شح الموارد الطبيعية دولا مصدرة للعلوم والمعارف والتقنيات والصناعات المتطورة، واهم هذه العوامل هو الولاء للوطن وتقديم رفاه المجتمع على مصلحة الفرد التي هي ورفاهه نتاج رخاء مجتمعه فصارت الشعوب اكثر اجتهادا وجدية وإخلاصا في العمل ونأت بنفسها عن الفساد بأنواعه ورعى هذا التميز الأخلاقي وجذره التعليم وصانته قوانين صارمة وحزم في تطبيقها.
على الناحية الأخرى من الشرق ظل العالم العربي يخرج من هاوية ليقع في الأخرى واستمرأت شعوبه لوم المؤامرات الدولية الوهمية والاستعمار على تخلفها وطاب لها الخمول ووجدت في الفساد الوسيلة الأسرع لثراء الفرد واستهانت بالعمل الجماعي وأهملت مجتمعاتها، وابتدعت لها بدعة تعكس امتهانها لذاتها وهوانها عليها فادعت بعض جماعات السنة أن الولاء للإسلام يقتضي تقديم مصلحة الدولة المرشحة لإعادة الخلافة وهي تركيا والولاء لها على مصلحة الوطن والولاء له - ولو اهتموا بتطويره لوجدوه الأولى بالخلافة من تركيا، لكن الإحباط والشعور بالعجز عن الإنجاز والقدرة على العمل الجاد والإنتاج هو ما جعلهم ينظرون نظرة احتقار للذات أمام الآخرين ويؤولون مصلحة الإسلام تأويلا خاطئا، فالإسلام قد انتشر وقضي الأمر ولم يعد بحاجة لفتوحات عثمانية ولا لغيرها ولا العالم يقبل بها ويسمح اليوم بمثلها، والإصلاح وفق التعاليم الشرعية لا يحتاج لاحتلال عثماني بمسمى براق.
البعض من الطائفة الشيعية وتحديدا فرقة اتباع نظرية الولي الفقيه الحاكمة في طهران يقفون موقف العداء من ثورتي العراق ولبنان اللتين أعلنتا رفضهما للوجود وللهيمنة الإيرانية على البلدين ولاستنزاف خيراتهما فكان أول الثوار باقي الفرق الشيعية الرافضة لولاية الفقيه وسلطة إيران، الغريب والمرفوض فيما تدعيه إيران ويدافع عنه البعض هو الطرح المشبوه لتحرير فلسطين القاضي باستمرار هيمنتها على اربع دول عربية لتحقيقه.
من المؤكد أن أنظمة الحكم في كثير من الدول العربية أضافت الكثير من الجهل والبؤس بإهمالها التعليم والتصنيع واستباحتها الحريات الى ما حرص عليه الاستعمار من تجهيل الشعوب وتخلفها.