تعد جرائم التزوير في اكتساب الجنسية الكويتية ثاني أكبر الجرائم التي تعرضت لها البلاد بعد جريمة الغزو العراقي عام 1990، فقد زاد عددها عن 50 ألف جريمة، اكتسب بموجبها - كما أورد رئيس البرلمان في مداخلته بشأنها عام 2017 - أكثر من 400 ألف الجنسية الكويتية بمعدل 8 مستفيدين لكل جريمة، أي 35% من تعداد الكويتيين الحالي، ويمكن أن توجز أهم الآثار المترتبة على هذه الجريمة بالمالية والاقتصادية والتغيرات الاجتماعية والتأثير على البنية التحتية وخدمات الدولة وانعكاساتها على المناخ السياسي السائد في البلاد منذ نشأتها.
على صعيد الحالة المالية والاقتصادية فستتحمل خزينة الدولة - المرهقة ميزانيتها بعجز خمس سنوات متتالية ما يقدر بـ 1.3 تريليون دولار، قياسا على أن ما تصرفه الدولة على المواطن منذ ميلاده حتى الوفاة يقدر بمليون دينار كويتي وفقا لمنظمة الصحة العالمية أي نحو 3.3 ملايين دولار بسعر صرف الدينار الحالي، وسيعاني الاقتصاد من زيادة في معدل البطالة نتيجة للزيادة الكبيرة والمفاجئة في أعداد المتقدمين لسوق العمل الذي يعاني أساسا من شح في فرصه؛ نتيجة لتأخر التنمية الشاملة، وسترتفع أسعار السلع والعقار والقيمة الإيجارية خاصة للعقارات السكنية نتيجة لزيادة الطلب المفاجئة على المعروض ولعدم وجود جهاز رقابي فاعل للسيطرة على ارتفاع الأسعار المصطنع، وسيتسبب هذا الخلل بحدوث أزمات ديون جديدة معقدة ومتعذرة الحل.
نتيجة لتعرض كل من البنية التحتية الصلبة والناعمة كخدمات الدولة لضغط عال يفوق طاقتها الاستيعابية سيتراجع مستواها ثم ستنهار وسيتسبب هذا بتعزيز تفشي الفساد وشراسته، وسيفضي تراجع مستوى التعليم والخدمات الصحية والأزمات المرورية إلى غرق البلاد في مظاهر التخلف.
التجانس القائم بين مكونات المجتمع الثلاثة منذ 400 عام انصهرت خلالها في بعضها البعض في تفاعل كيميائي انتج تماسكها ووحدتها، سيجعلها ترفض القبول بسهولة بالدخلاء الجدد بأعرافهم وتقاليدهم الغريبة عليها، كما ستتقلص الطبقة الوسطى بشكل خطير، فالقادمون الجدد معظمهم من عناصر الطبقة الدنيا، وسيعود هذا التغير بالمجتمع إلى الوراء لعقود قادمة عديدة يصحح فيها الخلل الذي أصابه، وتعود خلالها للطبقة الوسطى مكانتها.
سياسيا، سيطرأ تغير سلبي على رؤية المجتمع للعلاقة بدول الخليج ولمنظور حسن الجوار وتوازن العلاقات في دول الإقليم، كما سيضار الانسجام المذهبي والعرقي القائم بين مكونات المجتمع بتأثير القادمين الجدد مما يعرض الوحدة الوطنية للخطر وهي التي بقيت نموذجا ناصعا منذ نشأة البلاد.
هذا، وستتأثر التجربة الديموقراطية سلبا نتيجة تقلص الطبقة الوسطى وتدهور المستويين التعليمي والثقافي، وستتعرض مكانة وهيبة الدولة للخطر، ما لم تبادر إلى التصدي للأزمة القائمة بتعديل التشريعات لتلافي عقوبة السجن وبإنشاء محاكم مختصة للنظر في كل قضايا تزوير الهوية الوطنية.
[email protected]