مما لا شك فيه أن الدين الإسلامي تم استخدامه من قبل المحدثين كوسيلة لتبرير نقد المسيح والكنيسة، فلن يهتم القارئ الأوروبي لفكرة السخرية من الرسول ونقده على عكس المسيح الذي سيحتج الشارع الأوروبي من أجله، وكوسيلة لركوب سلم الحداثة في الغرب والتخلي عن القيم الدينية تم رجم الإسلام من خلال نظرة الحداثيين لموضوع المعجزات بشكل أولي كأرضية خصبة للهجوم.
إن عصر التنوير الفرنسي يتقدم بمفاهيمه المتعددة على العقل والمنطق فهو يقول لنا بأن الأديان تناقض العلم والثقافة وكانت هذه الخطوة الأولى لدخول الشارع الغربي إلى سكك الحداثة وخروج المستشرقين الذين جعلوا الشرق شكلا آخر من الجانب المقابل في الخريطة، فالشرق كما يراه المستشرقون حسب كلام ادوارد سعيد ليس إلا «خشبة مسرح ملحقة بأوروبا» تخدم أغراضهم.
ومن هنا أيضا بدأت فكرة الاسلاموفوبيا عند الغرب بسبب تصوير بعض الفلاسفة والأدباء الغربيين للإسلام والمسلمين بشكل مرعب بجانب أحداث 11 سبتمبر التي أججت هذه النار والآن في ظل صعود اليمين المتطرف ووصولهم إلى السلطة سيكتمل المشروع الحداثي بإدراج العالم في رف العلمانية. وغالبا هذا ما سيحصل بسبب سهولة التلاعب بالإنسان في عصرنا الحالي.
أريد أن أنوه في البداية إلى أن كلامي هذا لا يجب أن يحمل بمحمل التأييد لأي منظومة موجودة في وقتنا الحالي.
رأيي: لو تتبعنا الحداثة تاريخيا فأكبر غيمة سوداء تحوم حولها هي أنها تنتهي بانفصال ما هو كائن وما يجب أن يكون والعلمانية وليدة التجزئة والتشتت، فالنظام العلماني يتضمن مقدسات أساسية ومتعلقة في بناء النظام لا يمكن فهمها بمعزل عن علم اللاهوت بجانب أنها تقوم بتدعيم قيم جديدة فيما يخص الحرية والكرامة، ولا أتحدث هنا برؤية دينية للعلمانية بل سأتحدث بمنطق الفلاسفة لكي أكون محايدا وغير منحاز.
منذ شوبنهاور ونيتشه ونحن نعلم بعدم وجود أي تصور إنساني بعيد عن «الإرادة الطبيعية» والعلمانية بعيدة عن الإرادة البديهية بسبب انفصال ما هو كائن وما يجب أن يكون لأن الفكر الغربي ما بعد عصر النهضة تم خلقه للهيمنة على الطبيعة لا للسير معها.
تخيلوا معي أن كل الفساد العالمي حصل في ظل تواجد رادع ديني أو قيمي فكيف سيكون شكل العالم بلا أي رادع؟
[email protected]