مشكلة التابع الرئيسية أنه لن يكتفي بلكزة على كتفه لكي يفهم تبعيته بل سيحتاج لأن تضربه بأقصى ما لديك من أدوات على رأسه كي يفهم الشرح المستفيض الذي تدلو به عن المبادئ والكرامة أو عن اليقظة والوعي، والسؤال المهم الذي يجب علينا أن نسأله لكي نفهم آلية سير المجتمع ومنظومة الجماهير في التعامل مع نفسها قبل التعامل مع أي سلطة كانت هو: هل يستطيع التابع أن يتكلم؟
التابعون ثلاثة، أولهم الفرد المنخرط في الجمهور الذي يشاهد المسرح، هذا الفرد المغلوب على أمره والمغيب الذي يذهب أينما ذهبت الجماهير يقف بين أوساط الناس ويبحث عن نار موقدة فيذهب حيث الزخم وبمجرد ما تنطفئ شعلة هذه النار أو يقل ضوؤها يذهب بحثا عن نار أخرى حتى وإن كان الثمن التضحية بالنار السابقة التي كان يقف بجانبها.
النوع الثاني من الأتباع هو ذلك المنخرط في العمل الحزبي حيث إنه عندما ينضم إلى حزب ما تصبح شخصيته هي شخصية الجماعة، لأنه في قرارة نفسه لا يمتلك زمام أمره، لذلك يبحث عمن يتولى حياته عنه، وما أجمل وأروع أن تحتضنك جماعة وتشعرك بالقوة ووجود السند بجانبك وهم ليسوا إلا عرائس يتم التحكم بها، وكل هذا الحب هو بغية قطع لحمك كي ينسجوا عليك خيوطا تجعل تحكمهم بك سهلا وإن كنت صعب المنال.
النوع الثالث هو ذلك السياسي الذي يخضع للشارع، أينما ذهب الناس ذهب هو، ليس له مبادئ مهما ادعى تواجدها فهو يخضع لأهواء الناس ومزاجهم، ولاحظوا أن العملية هنا متصلة، التابع من الجماهير يؤثر على التابع الحزبي كما يفعل هو، والتابع السياسي يتأثر بهم جميعا ويؤثر، يشترك هؤلاء جميعهم في عبادة أوساط الناس وانتشار الفوضى، ليس كما أرادت الإرادة الحقيقية بل كما أرادت صناديق الانتخاب أو التتويج.
إن الديموقراطية بمنظومتها يا عزيزي القارئ ليست إلا مزحة بدايتها مضحكة ونهايتها شديدة الألم، ها نحن الآن هنا كشعوب ننتظر في كل موسم تساقط الصخر الدامي على رؤوسنا نتيجة أهواء الناس ومصالحهم في ساحة من العبودية المزدوجة، إن الصورة من هذه التلة أشبه بتراجيديا السقوط.
[email protected]