في الوقت الذي ننادي فيه بضرورة الانفتاح على الآخر الذي نختلف معه في العقيدة ونشترك معه في تفاصيل اقتصادية، واجتماعية، وسياسية كشريك فاعل في عالم يعتبر التنوع من أهم أدبياته ويحتاج لسواعد سكانه على اختلاف مللهم ونحلهم ليعملوا جنبا إلى جنب للبناء وتجنب مخاطر المستقبل التي تفرضها المتغيرات العالمية والإقليمية، نجد أن الأولى والأجدر أن يكون انفتاحنا الأكبر على من يشاركوننا نفس أساسيات وصلب عقائد وشرائع الدين الإسلامي الحنيف ونختلف معهم في بعض المفردات أو التفاصيل.
المتأمل لواقع التيارات والمذاهب الإسلامية على الساحة المحلية، العربية أو العالمية وما تعانيه من تقوقع وإقصاء للآخر المسلم، والذي يصل أحيانا إلى التصريح أو التلميح بكفر الذي يخالفنا الرأي أو بعض مفردات العقيدة أو حتى ممارسة الشعيرة، يدرك تماما حجم المصيبة التي نعيش والتي أشبه بالسير في حقل ألغام لا نعرف متى ستنفجر قنابله.
علاقات التيارات الإسلامية مع بعضها البعض أشبه ما تكون بحفلة تنكرية، عناق حار أمام العدسات وأحاديث ودية ولكن ما تخفيه النفوس أعظم. هذه التيارات والمذاهب تحتاج لثورة تربوية شاملة على مستوى قواعدها الأساسية ترسخ معاني أهمها أن نجاتي كمسلم سني ترتبط بنجاة المسلم الشيعي والعكس صحيح وأن الاختلافات بين التيارات الإسلامية السياسية المختلفة على الساحة ما هي إلا محصلة تباين مطلوب في الأساليب وطرق التعامل مع القضايا المختلفة ولكن تجمعها وحدة الهدف الذي يصب في مصلحة الوطن الأم بصفة خاصة والأمة الإسلامية بصفة عامة.
اشكالية مذاهبنا وتياراتنا تتمثل في أن السواد الأعظم منها يعتمد الروح البرجماتية في التعامل على حساب قضايا الأمة، أي تفشي تبني فكرة الفرقة الناجية لدى الجميع، فكل تياراتنا ومذاهبنا يعتقدون أنهم الفرقة الوحيدة الناجية وأن الباقين في النار وهذا ما غيب التعاون فيما بينها وحولهم من شركاء إلى فرقاء، ومن الوحدة إلى التشرذم ومن التكامل إلى التنافر كقطبي مغناطيس بالإضافة إلى استخدام الدين كأحد أهم أسلحة البروز السياسي. كل هذه العناصر مجتمعة شكلت الواقع المؤلم للتيارات الدينية وغيبت أطروحاتها ومفاهيمها على الصعيد السياسي.
البيت الإسلامي على مستوى المذاهب والتيارات يحتاج إلى إعادة ترتيب تجعل منه أكثر انفتاحا وتقبلا للأخر ومجسات استشعار تشخص موطن الخطر وبالتالي توحيد الجهود لمجابهته وعلينا أن نتعلم من تجارب التاريخ الذي ذكرت صفحاته المضيئة، أيام عز المسلمين، الأمة الإسلامية ولم تشر إلى ماهيتها سنية كانت أو شيعية، اخوانية أو سلفية وبالطبع للحديث بقية.
[email protected]