الإتقان هو القاسم المشترك بين مناسك الحج كلها، وهو أيضا المشهد العام لمشاريع تطوير مناطق المشاعر المقدسة، ففي الأولى يلتزم الناس بموعد دقيق للإفاضة من عرفات، مع لحظة الغروب تسيل حشود الملايين ولا يتقدم فرد واحد على هذه اللحظة، وبنفس الدقة توجه تلك الملايين حصاة الجمرات نحو هدف ثابت، وتلاحظ تتابع النسك حتى الوصول إلى التحلل من الإحرام، هذا الإتقان تراه في تنفيذ مشاريع عملاقة شملت: «لحوم الأضاحي، مسارات الطرق، منشآت الجمرات، وسائط النقل الحديثة والبنية التحتية لتوفير المياه والكهرباء والصرف الصحي.. الخ» القاسم المشترك بينها جميعا هو الإتقان.
هذا المكسب العظيم هل يمكن أن يصاحبنا بعد الحج، في أنفسنا إذا عملنا وفي دولنا إذا أدارت شؤوننا؟.. الإتقان شيء رائع جدا، وعكسه قانون «مشي حالك»، فقد جاء في الحديث الشريف «إن الله كتب الإحسان على كل شيء»، ولهذا أعجبني عامل تركي في مطعم بمكة المكرمة، اختلف مع صاحب المطعم حول لحم الشاورما الذي يقدمه للزبائن، ففي آخر الليل يبقى شيء يسير على النار، أمره صاحب المطعم بأن يضعه في الثلاجة ليضيفه إلى لحم اليوم التالي فرفض قائلا «لا أغش الناس».. أصر صاحب المطعم عليه بلهجة غاضبة «هذا محلي وأنا آمرك» فقال العامل التركي «خذ هذه المريولة»، وانصرف تاركا العمل، ولم يقل «أكل عيش».. ناداه صاحب المحل وتراجع عن عناده، فقال العامل «سوف أحرص على ألا يزيد شيء من اللحم بحسب حجم الطلب المعتاد، ولكن إذا زاد فسيوزع على الفقراء، وهو شيء بسيط جدا لا يكفي 3 أشخاص، ولكن أن أغش الناس، لا».. وافق الرجل.
حكيت هذه القصة لأحد الأصدقاء من أهل مكة فقال «أزيدك» وتابع قائلا: «بقرب بيتي حلاق تركي يقضي وقتا في قص شعري وترتيبه، قلت له اختصر، أي شيء يكفي «فقال لي» المرة القادمة اذهب إلى حلاق آخر لا يقوم بعمله كاملا، بالنسبة لي هذه هي طريقتي في العمل».
كل عام وأنتم بخير مع الإتقان.. والإحسان في الأمر كله.
كلمة أخيرة:
س. اشرح قوله تعالى (الذي أحسن كل شيء خلقه).
ج. قال عالم التشريح الفرنسي موريس بوكاي في كتابه «العلم بين القرآن والتوراة والإنجيل».. عن الآية الكريمة (ثم من مضغة مخلّقة وغير مخلّقة)... «..ويتدرج بدء عمل الحواس بنفس الترتيب الذي جاء في القرآن الكريم، وكما يعرفها علماء التشريح اليوم».
س. كيف؟
ج. تبدأ حاسة السمع في العمل عند الجنين، وبعدها بأسبوعين أو 3 تبدأ حاسة البصر، وآخرها حركة هو القلب، بنفس الترتيب الذي جاء في الآية الكريمة عن تخلق الجنين.. (وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة).
[email protected]