فيصل الزامل
الخبر «خلاف سنّي - شيعي في سجون نيويورك» وهو يتحدث عن المسلمين في تلك السجون بشأن تخصيص أماكن للصلاة، حيث طالب بعضهم بالفصل بين الشيعة والسنّة، وكانت المحكمة قد قضت بأن يصلي المسلمون في زنازينهم أو في مكان واحد، بمعنى أنهم حثوا المسلمين على التنسيق والتفاهم.. ولكن، علما أن هذه المشكلة غير موجودة بين المسلمين في سائر السجون الأميركية باستثناء نيويورك.
ان هذه الملاحظة لا تقتصر على من في السجون الأميركية ولا على حكاية سنة وشيعة، بل بشكل عام، فأكثرنا يكون مسرورا بحالة التحفز، ولهذا فهو سهل أن يستثار، فقد يكون النائب في مجلس الأمة منهمكا في كلامه فاذا وردت في عباراته كلمة تحتمل تفسيرين هتف زميله من أقصى القاعة «من تقصد؟» وفي المجلس البلدي أيضا يتحدث عضو فيقف زميله «انت تمدح جماعتك، والناس الباقين شنو؟» تحفز لا حدود له، وربما كانت حركة اللاعب الفرنسي زيدان، ونطحته الشهيرة أوضح مثال لسهولة استثارتنا، فنحن أمة - بالتعبير الشعبي «طريف» - متوترة لا يحتمل فيها أحد صاحبه، بل كلما زادت العلاقة قربا ازداد التوتر، لهذا تجد الخلافات «البينية» في صفوف كل فئة لا تقل عن خلافها مع الفئات الأخرى، هذا التوتر والتحفز ربما يتناقص مع التقدم في السن وازدياد الخبرة، و لكن مع الأسف «بعد فوات الوقت»، عندها يكون الاكتشاف المتأخر أن هناك من كان يستثمر تلك الانفعالية لصالحه لعدد من السنين، وربما تم ترتيب المواقف في الليلة السابقة على الجلسة، وهم يقولون لبعضهم «انت بس قطها، و فلان راح يفز، احنا نعرفه، ما عليك» كما فعل ذلك اللاعب الإيطالي مع زيدان.
ليس المقصود من هذا الرأي السكوت على الإهانة أو حتى عدم الرد على الانتقاد في الوقت المناسب و بالطريقة المناسبة، بقدر ما هو التنبيه الى ألا نكون أداة طيّعة لتنفيذ أهداف الآخرين، هذا التنبيه يزداد إلحاحا في حالة المشتغلين بالشأن السياسي والمرتبطين بنشاطات وجماعات واتجاهات يستمع اليها عدد من المؤيدين لهذا وذاك، انتبه يا عزيزي، يجب أن يتواكب موقعك مع حكمتك، فإن من خلفك يتوقّع منك ذلك، لا تخذله!
عودة الى سنّة وشيعة، كثيرا ما أقول لمن يسألني في هذا الأمر «لا تحوِّل هذه المناقشة الى التعميم الذميم، اذا كنت في وارد البحث في مسائل الدين، وتريد معرفة من هو كذا ومن هو كذا، فالتزم كلام أهل العلم بأن من قال بكذا وكذا فحكمه كذا، وهنا قد يكون من ينطبق عليه الحكم في شرق الأرض أو مغربها، وقد يكون سنيّا وأيضا شيعيا، بالتصنيف «الجغرا- سكاني» الذي كان يستخدم في مناطقنا قبل مائة عام (جرية وجنوب مسلمين ..!) و هي طريقة لا يستعملها من يتحرّى العلم ويتحلّى بسمت أهله.
من جانب آخر، لقد رأيت منصفين لأنفسهم في كل فئة، ينقلون هذه الروح الطيبة لأبنائهم، كن منهم وأبشر بإذن الله بالسلامة من الفتن.