فيصل الزامل
ازالة التعديات على أرض الدولة هي صحوة يجب أن تستمر وألا تعود الدولة الى حالة شبه الغيبوبة، سواء كانت تلك التعديات في صورة اقتطاع أرض بالسلاح الأخضر - الياسمين، الكاربس - أو بالطوب والحديد لإقامة منشآت تسمى دواوين، تصرفات عجيبة يعرفها أكثرنا ويتندر بها الناس في تألم لغياب الدولة، ولا توجد مقارنة بين ما يحدث من تعديات وبين غرس الزروعات الجمالية التي لا يحيط بها سور أخضر أو من طوب وحديد فهذا اسهام من المواطن في تجميل الحي الذي يقطن فيه ويشكر عليه، ما لم يتعد ذلك الى ما ذكرناه من تصرفات، وقد حقق الإعلان الذي نشرته لجنة ازالة التعديات وتحديدها يوم 2 مارس لمواقع محددة - الطرق السريعة - أثره في احساس الناس بالمساواة في المعاملة، والشفافية في التطبيق، وكانت المفاجأة القاسية هي في ايقاف تلك الخطوة «للمزيد من الدراسة» وهي تعني الخضوع لبعض الاعتراضات المتوقعة، واذا كان هذا هو النهج الذي تسير عليه الدولة فلن يعدم أي قرار من يعترض عليه، وبعدين؟
وصف أحد كبار السن المناطق السكنية القديمة، حينما كانت البيوت متلاصقة، والسبب غياب التنظيم، حيث يزحف أحد الجيران على الساحة الخارجية ويدخلها الى بيته، وما هي الا أسابيع أو شهور حتى يفعل الجميع مثله، وتبحث عن ممر لعبور تلك الأحياء فلا تجد الا مترا أو مترين في «سكة» طولها مائتا متر أو أكثر، وفي الليل يكون عبورها في الظلام الدامس سببا للتعثر والاصطدام، وها نحن اليوم نعود الى تلك العشوائية في التنظيم، حيث يزحف الجدار الأخضر على الساحات العامة سواء المحاذية للطرق السريعة أو فيما بين المناطق السكنية، فيتعذر المرور ويتشوه التنظيم بارتفاع جدران من الأشجار تقتطع الساحات العامة بذرائع من كل صنف، كالدواوين والتشجير.. الخ.
ان هيبة الدولة تمر باختبارات متتابعة، ونحن اليوم أمام واحد منها، ولا معنى لإيقاف عمل فريق يقوم بعمله وفق آلية عمل علنية وعلى أسس المساواة الا التشويش على هيبة الدولة التي تحتاج الى صيانة في كل مناسبة مماثلة، والمستفيد الأكبر من هيبة الدولة ليس هو السلطة الحاكمة بل المواطن الذي يكتسب أمنه واستقراره بقدر ما تكون لبلاده هيبة في نفوس الناس، من مواطنين ومقيمين.
من جانب آخر، فقد كان تعامل معارضي قانون منع الاختلاط مع مبدأ احترام القوانين مثارا للدهشة، بين من يسميه بالقانون الجائر وآخر يسفه من أصدر القانون، وهي ممارسة أخرى تخدش هيبة الدولة، فليست جميع القوانين في الدولة محل اجماع الناس، وبالذات من عاكس أحد تلك القوانين مصالحه الخاصة، فهل سيسمح هؤلاء لكل معترض على أي من القوانين الصادرة بالتحلل من تطبيقها والدعوة الى ايقاف العمل بها؟
كلمة أخيرة:
نشرت الصحف صور محل «أرجيلة وشيشة» وقد انتشر على كراسيه أناس ينفثون دخانهم وهم في حالة شرود كامل، في مواجهة بوابة قاعة القادمين في «مطار الكويت الدولي» ليكون هذا المشهد هو أول ما تستقبل به الكويت زوارها، الروائح تتسلل الى داخل مبنى الركاب، لتنقل أجواء مقاهي خيطان والنقرة وحولي الى آفاق دولية، باقي أشرطة المصارعة، ليتميز مطارنا عن أي مطار دولي عالمي بميزة سخيفة!