فيصل الزامل
سارت العملية الانتخابية وفق نظام الدوائر الخمس بهدوء، وتتمثل ايجابياتها في الجانب التنظيمي للحملات الاعلانية التي تحولت لصالح الاعلان الجماهيري وتقلص الجانب الشخصي، ولم يتغير شيء في الأهداف الرئيسية لتغيير نظام الدوائر، الانتخابات الفرعية مضت في طريقها رغم المواجهات الأمنية، وفقدنا عددا كبيرا من المستقلين الذين قرأ بعضهم النتائج بوقت مبكر فآثر عدم الترشح، وهو أمر يصب في صالح التكتل في شرائح فئوية متعددة الأسماء.
بلغ معدل التغيير 44% والأهم من الكم هو النوع، حيث لا بوادر لحدوث تغيير في المنهج، رغم قوة الرسالة الأميرية التي وصلت الى نطاق جغرافي محدود، الأمر الذي ستتكرر معه ظاهرة استجواب الوزير قبل اختياره، بحسب مواصفات محددة (أن يكون شعبيا، متخصصا، جريئا، غير مدعوم قبليا، يعمل منذ الساعات الأولى من الصباح) لهذا فإن رئيس الوزراء المكلف مدعو لاختيار وزراء لا يحملون هذه الصفات حتى لا يكونوا عبئا عليه، ولا يهم أن تكون الصفات المعاكسة عبئا على الدولة المهم هو ملاحقة طلبات المنهج العقيم واللهاث وراء مرضاته التي تدفع الى حل مجلس الأمة كل عامين.
اعذرونا لهذا المنحى التشاؤمي، ولكنه أمر متوقع بحسب المقدمات التي رأيناها في الشهرين الماضيين، وبحسب خبرتنا مع الحكومة في دفع وزرائها الى تطبيق القانون ثم التخلي عنهم تحت التهديد بالسلاح، أقصد بسلاح الاستجواب، فإن السيد وزير الداخلية الذي طبق القانون بشجاعة وحصل على بيان داعم له من مجلس الوزراء الموقر سيكون أول من تضحي به الحكومة الموقرة!
لقد تجاوب المواطنون مع سائر القرارات التي تحفظ للدولة هيبتها، ومن المعيب أن تتراجع الدولة عن هذا الانجاز بدلا من أن تواصل مسيرتها في ظل قيادة سياسية حازمة اتخذت أصعب خطوة عندما تطلب الأمر اتخاذها، والمأمول من الاخوة أعضاء مجلس الأمة العمل على ترسيخ أقدام الدولة ودعم تطبيقها لقوانين أصدرها المجلس بدلا من الانقلاب عليها، واذا كان المجلس السابق قد بدأ في تعديل اللائحة الداخلية وعدد من الاجراءات التي تواكب سنة الحياة في التطور، فإن المجلس الحالي مطالب باستئناف تلك المسيرة.
آن الأوان لتغيير منهج تشتيت تركيز القيادة السياسية الذي بدأ العمل به منذ مجلس 1963 الذي تم حله بعد أقل من سنتين، واستمر المنهج العقيم، القائم على تتبع السلبيات ما يؤدي بالطبع الى تكاثرها، حيث تتناقص الايجابيات بسبب احباط العاملين في التربية والصحة والنفط.. الخ، في ظل هذا المنهج تم تشجيع الموظف المقصر على خيانة الأمانة وتسريب المعلومات بشكل مشوه وافتعال زوبعة يتم بعدها عمل تسوية (...) يعود بموجبها الى عمله بعد ترقيته رغما عن أنف بقية العاملين بجد واجتهاد.
انه تراث كريه يحتاج الى وقفة صادقة مع النفس سواء من قبل النواب أو الحكومة التي لو اتخذت خطوة واحدة لساعدت النواب على التخلص من هذا المنهج، وذلك بإصدارها تعميما يمنع تلقي المعاملات من النواب في أي صورة من الصور، مثلما يعتبر تأدية خدمة للقاضي على أنها من أنواع الرشوة.
كلمة أخيرة:
تحية للوصف الدقيق الذي طرحه الأخ مشاري العنجري في مقابلة: «عندما يتلقى النواب الشكاوى من المواطنين، يقومون بطرحها على المختصين، مثل الغلاء، هل العلاج بصرف مبالغ نقدية ترتد عكسيا أم أن هناك اجراءات تكافح التضخم؟ هذا دور ذوي الاختصاص».