فيصل الزامل
ما ذكره الزميل سامي عبداللطيف النصف يوم امس لا يجوز ان يمر بغير وقفة من الجهات الرقابية، وهو يتعلق بشراء الطائرات، وهي حكاية مؤسفة يمكن تلخيصها فيما يلي: «قامت شركة الخطوط الجوية الكويتية بطرح مناقصة لتحديث طائراتها وتنافست 12 شركة وفق شروط المناقصة، فازت شركة كويتية في منافسة مفتوحة وعلنية، الا ان هذه الاجراءات عصفت بها مقولة لا اساس لها بأن السعر الذي حصلت عليه الشركة الفائزة اعلى من السوق، في حين تقول القواعد ان الآلية التي اتبعت هي الاداة الصحيحة لمعرفة سعر السوق، ولكن! نتج عن الخضوع لرأي غير مكتمل وعبارة «طايرة» الغاء المناقصة، كان سعر الطائرة الايرباص 45 مليونا فلما الغيت المناقصة استطاعت شركة آلافكو ان تبيعها بـ 65 مليون دولار، وبالنظر الى ان عدد الطائرات هو 19 طائرة فقد خسرت «الكويتية» 380 مليون دولار، ويرتفع هذا الرقم اذا انتقلنا الى 19 طائرة اخرى من طراز بوينغ، فقد ذهب وفد «الكويتية» الى شركة بوينغ للتفاوض، فحصل على سعر 54 مليونا بدلا من 45 مليونا - بزيادة 9 ملايين للواحدة و171 مليونا لـ 19 طائرة - اي ان مجموع الخسارة 551 مليون دولار، وفقدنا فرصة حصلنا عليها في مناقصة سليمة، والأهم اننا خسرنا عامل الوقت نظرا لعدم التزام بوينغ بمواعيد تسليم قريبة كما هو الحال لو تم الشراء من شركة «آلافكو» وهي شركة وطنية تملك فيها «الكويتية» نسبة مؤثرة».
يعلق الزميل سامي النصف قائلا: «لقد ذكرنا في مقال سابق ان احد اسباب تخلف الكويت الرئيسية والحقيقية هو النظرة السوداوية التي ترى في كل مشروع كبير سرقة كبرى رغم وجود اجهزة رقابية فاعلة غير مسبوقة كمجلس الامة وديوان المحاسبة وجمعيات اهلية مختصة كحماية المال العام، وجمعية الشفافية ذات البعد الدولي، وفي جميع تلك الحالات تنتهي الدعاوى بإلغاء المشاريع الكبرى التي يطلق عليها معارضوها السياسيون عادة «سرقة العصر» بدلا من ضمان شفافيتها لإفادة البلد من عوائدها في وضع هو اقرب لقطع الرأس لعلاج الصداع» انتهى، ولابد من وقفة مراجعة لاسلوب الرقابة فقد ترتب على تجاهل صحة الاجراءات والغاء الصفقة خسائر مادية باهظة ومعاناة للمواطنين عند استخدامهم طائرات متهالكة بل تعريض سلامتهم للخطر، واذا كانت شركة آلافكو تقول «رب ضارة نافعة» ولا مصلحة لها في فتح ملف تحقيق في هذا الموضوع فالامر ليس كذلك بالنسبة للرأي العام، نظرا لتكرار نفس النزيف في ملفات كثيرة مشابهة لان المحاسبة لا تتم بسبب الانجاز الضعيف وانها محصورة في ملاحقة من يعمل فقط، بل يتعرض من يعمل للتوبيخ حتى اذا نجح في تحقيق مصالح الوطن، هذه المقاييس كارثية الى ابعد الحدود، جسر الصبية يرزح منذ سنوات طويلة لان احدا اعترض على جزئية ما، وهو امر لن يسلم منه اي مشروع فالاجماع شبه مستحيل، وأما تضاعف التكاليف وخسارة الوقت فأمر مؤكد.
ان المشاريع الكبرى لا تترك للمراسلات، وقد رأينا كيف حلت لجنة وزارية قضية سوق الاڤنيوز في اجتماع واحد، وهو امر قابل للتكرار عبر لقاءات وجها لوجه وبإشراف اعلى مستوى يملك حق ترجيح الرأي، فإن اضرار التوقف وغياب القرار اكبر بكثير من احتمال حدوث خطأ بنسبة 10 - 20% في اي قرار، فالبديل ليس احتمالا بل خسارة مؤكدة بمعدل تضاعفت معه التكاليف اربع مرات لجسر الصبية ومثل ذلك للمصفاة الرابعة ونصف مليار دولار لطائرات الكويتية، واما حقول الشمال فالخسائر تتجاوز مليار دينار بسبب ارتفاع اسعار التنفيذ عما كانت عليه قبل خمس سنوات.
كلمة أخيرة:
قيل لرجل من بني عبدالقيس: «بم سدتم؟» قال «نحن عشرون الفا، وفينا حازم، نطيعه».