فيصل الزامل
سؤال: «هل نتوقع تركيزا ذهنيا كافيا من طبيب يعمل في مستشفى مزدحم حتى الاختناق، ويخدم عشرة أضعاف الطاقة الفعلية له؟»، مسألة التركيز الذهني خطيرة جدا في مجتمع صاخب كمجتمعنا، وهي تضرب بشدة مختلف مواقع العمل في بلد تبدع صحافته في تشــتيت ذلك التركيز بشكل يومي عبر إطـــلاق قمر اصطناعي من أقمار الإثارة التسويقية، ممثلا في مانشيتات «الداو، المصــفاة الرابعة، قسائم الصناعة..الخ» مرفقة بعبارات «.. لحقوا البــلد انســـرق» وليــس أسهل من أسلوب التشــكيك في مجتمع تم افساد الذوق العــام فيه، حــيث تقرأ أثناء خروجك للعــمل لافتة لإحدى المسرحيات بعنوان «خاربة، خاربة» وهي تعكس ذلك الــذوق المضطرب الذي يكون ضحيته مراجــعا في الوزارات يحــمل مشــروعا جادا ونظيفا جدا جدا يواجه بموظف يسيطر عليه ذلك الاضطراب، تتلبسه حالة نفسية يسمونها «الذيب ما يهرول عبث» فيتفحص الأوراق بعيون «مبحلقة» بينما عقله في مكان آخر لا صلة له بالمستندات ولا الدراسات التي أمامه، لهذا يصرخ في سعادة عندما يكتشف شيئا ناقصا، والحقيقة أنه ليس نقصا فعليا بالنظر الى أن النظام الداخلي في الوزارة لا يعرفه المراجع، فيستخدمه الموظف كسلاح لإجهاض مشروع واعد يفيد البلاد والعباد.
نعم، «التركيز الذهني» في أدنى مستوياته بسبب التجاذب السياسي الحاد الذي تغذيه صحافة تنسب تصريحا استفزازيا الى مصدر سري ثم تطلب من الجميع الرد عليه و«ربعنا ما يكذبون خبر» فيصفع بعضهم بعضا بينما صاحب طاقية الإخفاء يكاد يموت من الضحك على «خيبتنا»!
من جانب آخر، فإنني أقدم احترامي للنائب الذي يكتشف أن المعلومات التي قدمت إليه غير دقيقة فيتوقف عند نقطة معينة من الاستفسار، بينما تأخذ غيره المكابرة فيكون أداة لمن ضلله حينما يعتبر أن بيان المسؤول المختص وتوضيحه هو بمثابة انتقاص من قيمته، فيحول الموضوع الى ردح وقدح غير مقبول ناسيا أن هذا الكرسي قد مر عليه كثيرون قبله ولا يستحق أن تتحمل أوزارا لا تلبث أن تنقلها معك الى البيت، ثم الى (....)!
و أخيرا، من يستمع الى ما ينشر حول مواصــفات الوزيــر المطلوب في التشكيل القادم يلاحظ أن عددا غير قليل من الوزراء في الحكومة «المستقيلة» يحملون تلك المواصفات، وعندئذ لا يملك المرء إلا أن يتساءل عن مصير من سيأتي ومعه نفس المواصــفات المطلوبة، والموجودة، حيث لن يختلف أي قادم جديد عمن سبقه، ليس لعدم حيازته المواصفات المهنية ولكن لفشله في ارضاء عشرات الرغبات المتضاربة التي لا تتصل بمعايير العمل الفعلي الى أشياء من طراز «الله يهديك، انت صعب، سهّل الأمور..!».
كلمة أخيرة:
قطع الكيبل في البحر المتوسط أدى الى عرقلة خدمة الإنترنت مرة أخرى، قبل عامين حدث الشيء نفسه وقامت شركتان وطنيتان بتقديم خدمات الإنترنت عبر خطوط بديلة، كل الشكر لهما فقد ارتبطت هذه الخدمة بحياتنا اليومية بشكل شبه كامل، وهما شركتا «كوالتي نت» و«كيمز».