فيصل الزامل
جاءت بداية عهد الحكومة الجديدة مشجعة للآمال بتغيير مهم، سواء فيما يتعلق بالعلاقة مع مجلس الأمة ـ بعد الاستجواب ـ أو بالنسبة لبرنامج العمل الذي تسعى لتقديمه والالتزام بتنفيذه، وذلك للخروج بالبلاد من حالة الشلل والتراجع المزعج في قيمة الموارد العامة والعجز الذي بدأ في إلقاء ظلاله على مالية الكويت، ما يجعل الحركة النشطة الحالية التي تشهدها أروقة الدولة، قنطرة حاسمة للعبور نحو مرحلة جديدة في التعامل مع مختلف المسائل الرئيسية، وفي مقدمتها القضية الاقتصادية، وهو بالمناسبة ما تقوم به سائر دول المنطقة منذ سنة تقريبا، وبالتحديد منذ بدء التراجع الكبير في أسعار النفط.
في هذا الإطار، فإننا ندعو «سموكم» الى متابعة هذا التغيير، والبناء على الدعم الكبير الذي قدمته الغالبية الساحقة من السادة والسيدات أعضاء مجلس الأمة لهذا التوجه البناء الأسبوع الماضي، وهو توجه أزال ـ بقوة ـ حجة عدم وجود توجه واضح داخل المجلس، وسيكون مؤلما للمواطنين أن يتم تجاهل هذا الدعم النيابي الكبير، والارتهان من جديد لصوت شخصين أو ثلاثة في المجلس، وجد بعضهم أن استهداف الاستجواب لوزير «عسكري» هو خطأ إستراتيجي بالنسبة له، وأن عليه الرجوع من جديد الى تخويف رئيس الوزراء المعروف بحبه لإرضاء كل الناس، ما يجعل لغة التهديد هي الزر السحري الذي يحول دون وصول القضايا الحساسة إلى مرحلة النقاش تحت قبة عبدالله السالم، فيستقيل الوزراء ـ أو يقالون ـ بمجرد التهديد، ويتم إلغاء القرارات عبر بضعة مانشيتات تم الترتيب لها مصحوبة بصور لحواجب معقوفة وزمجرة غير مفهومة... الخ، هذا السحر بطل مفعوله يوم الأربعاء 1/7/2009 وكان لافتا قيام «سموكم» بالخطوة التالية ـ المستحقة سياسيا وقانونيا ـ يوم الخميس 2/7/2009 بشأن طلب رفع الحصانة، ما يؤكد إيمانكم بضرورة التغيير، وإيصال رسالة قوية تفيد بأن الزمان دار دورته، وأن المبادرة قد أصبحت في يدكم أنتم، ولا أدل على فشل «البعض» من تقليده لأسلوب زميله «أنا أقسمت ولازم أبر بقسمي، وعلى الجميع أن يحمل هم قسمي.. هذا!!» غير عابئ بالفشل الذريع الذي مني به هذا الأسلوب.
نعم، سمو رئيس مجلس الوزراء، إنه سيكون مؤلما للمواطنين عدم التقاط الحكومة للرسالة القوية القادمة من الأغلبية البرلمانية، التي تمثل الغالبية العظمى من المواطنين، وأن يتم بدلا من ذلك الالتفات الى أفراد قلة تغلبت ذواتهم الشخصية على مصالح وطنهم، فأوقفوا التنمية وعطلوا المشاريع، ووجهوا موارد البلاد للمنافع الفردية، عبر التعيينات الانتخابية والاستملاكات الهوجاء، التي أوصلتنا إلى العجز المخيف الذي سيصل بنا ـ إذا لم نسيطر عليه ـ الى سعر صرف للدينار بدولار واحد بدلا من أكثر من ثلاثة حاليا، ما يعني انخفاض ثلثي قيمة الدخل للأفراد، والدولة.
إن المواطنين يريدونك يا سمو الرئيس أن تجعلهم «هم» مركز اهتمامك، وليس تصريحا يشبه صيحة عالية من الألم، يريد صاحبه أن يكون هو مركز تفكيرك طوال الأشهر الثلاثة القادمة، ذاك العهد قد انتـــــهى، وولى بغير رجعة، وبالقـــــدر الذي تطلق فيه الدولة المشــاريع يوما بعد يوم وشهرا بعد شهر وعاما بعد عام، بقدر ما تثبت الكويت أنها أكبر من الأشخاص، كائنا ما كانت أسماؤهم.