فيصل الزامل
قال: «هذه المحلات المتزايدة التابعة أحيانا لشركة واحدة، أليس لها حد في الانتشار؟».
قلت: «أنت تقول هذا لأنها محلات تراها بعينك، وهي تقدم خدمات تنفع الناس، ولكنك لا ترى المضاربين في أسواق المال الذين تتراكم لديهم الثروات بغير منفعة من أي نوع للمجتمع».
قال: «وهل الذين تتحدث عنهم يخدمون المجتمع أم يحققون الأرباح لأنفسهم؟».
قلت: «هل سمعت بشركة تقدم الخدمات وهي خاسرة؟ من أين تدفع الرواتب وتنفق على المنشآت وتستقطب الخبرات العالمية؟».
سكت قليلا، فتابعت: «ألا ترى الماركات العالمية التي تملكها شركات غربية وشرقية تبيع الساعة والشنطة بأغلى الأثمان، هذه لا تهمك، لأن المالك هو «روكفلر، شرويدر، شوبارد..إلخ، ولكن إذا كانت الأسماء من أهل بلدك فالأمر مختلف، هل هذا جائز؟ أنت تذكرني بامرأة دخلت إلى محل في لندن وهي تلبس عباءة وتضع بوشية، وكانت معها ابنتها، كان ذلك في الستينيات حينما كانت النساء تضع البوشية، إلا أنها كشفت عن وجهها لترى المعروضات على الفترينة وتتحدث مع البائع الانجليزي، اقتربت منها ابنتها بهدوء وهمست في اذنها «ترى دخل واحد كويتي هناك» فسارعت المرأة إلى تغطية وجهها، بينما كانت قد تساهلت مع الإنجليزي، هل يجوز تطبيق نفس الأسلوب مع الشركات الكويتية مقابل الأجنبية؟».
من جانب آخر، يجب أن تهتم جميع الشركات والبنوك بالدور الاجتماعي في بلد لا يفرض ضرائب على الأرباح، إذا استثنيت دعم العمالة، ولسنا نتحدث هنا عن زكاة أصحاب الشركات بقدر ما نتمنى أن تتزايد مساهمات شركاتهم، بالنظر إلى أن هناك فعلا من يمارس هذه المسؤولية بشكل جيد ويستحق عليها الشكر والتقدير.
بالمناسبة تدعو الحاجة إلى وقفة أمام مسمى «تاجر»، وهو يختلف عن «المستثمر» الذي يستفيد من تضخم أسعار العقار وضخ السيولة في سوق الأسهم واصطناع الأسعار، فيما يسمونه سعر الدعم، فكلمة تاجر صارت مرادفة لكلمة «ثري» وهذا خطأ، هي مهنة، يتولى القائم بها نقل السلع والخدمات وعرضها في المكان والزمان المناسبين، وربما كان تاجر «الدفايات» والفحم اليوم مشغولا بأخبار شحن تلك الأجهزة والمواد، حتى تصل مع دخول موسم الشتاء، فإذا احتاجها الناس وجدوها في الأسواق، مثل ذلك يقال عن الأطعمة والملابس، فهو ليس متفرجا على أخبار التضخم، بل يتنقل بين الوزارات والمصالح الحكومية والبنوك ليجهز ما ينفع الناس، ويتواصل مع جهات التصدير في الخارج، وبسببه يحصل الناس على منافعهم، فلماذا النظر اليه بسلبية في حين انه يستحق التقدير؟! وبقدر ما يزداد عدد هؤلاء وتزداد المنافسة ترخص الأسعار كما نرى اليوم
مثلا في خدمة النقل بالطائرات التي كانت الشركة «الحكومية» تحتكرها، وتفرض على المواطنين أسعارا مرتفعة بينما تقدم لغيرهم، مثل- بومباي/ كويت، نيويورك/ دكا، كويت/ جدة، أسعارا مخفضة، هذا الاحتكار الضار بالمواطنين قد انهار بدخول الشركات الأهلية، فمن المستفيد؟
فوق هذا كله، لا ينجو كثير من المكافحين من الخسائر، وهؤلاء لا تشملهم صناديق سوق المال، ولا تهرع الدولة لنجدتهم، فلا أقل من أن ينصفهم المستفيد الأكبر، وهو المواطن، بكلمة طيبة، ولهؤلاء أقول «جزاكم الله خيرا».
كلمة أخيرة:
قال عمر رضي الله عنه: «من اتجر في شيء ثلاث مرات ولم يفد منه، فليتحول إلى غيره».