فيصل عبدالعزيز الزامل
لا تفهم سبب لجوء اللبنانيين إلى الانتخابات ـ ولا الكويتيين ـ مع ما يجري هنا وهناك من إلغاء لمبدأ «التصويت هو الأساس للترجيح» وابتداع عبارات «النسبية» و«الملاءمة» ولو أن نتيجة الأغلبية كانت لصالح الطرف الآخر في الانتخابات اللبنانية ـ والكويتية ـ لسمعنا معزوفة مختلفة تماما، الشيء نفسه يجري في الكويت حيث يكون صوتان أكثر من 47 صوتا في حسابات أرقامهم (....) والسبب هو تفاني الجزء «المعطل» في عرقلة مسيرة العمل السياسي من خلال افتعال الصدامات المتلاحقة وبشكل مكثف مع كل مانشيت وخبر ينشر عن أي قرار، علما بأن إدارة الدولة ما هي إلا مجموعة من القرارات اليومية، الأمر الذي يسهل مهمة المعطل!
نعم، الايمان بالنتيجة الديموقراطية هش تماما في منطقتنا العربية، فهم يتحدثون عنها ليل نهار والواقع شيء آخر تماما، مثلما يحدث مع الأنظمة الجمهورية التي تندد بالنظام الوراثي بينما هي تسير بخطى حثيثة في هذا الاتجاه، من العراق إبان حكم صدام وأبنائه إلى ليبيا صاحبة سيف الإسلام، نزولا إلى اليمن وصعودا إلى الشام، الشيء نفسه يحدث مع الديموقراطية.
«النسبية» ذلك المصطلح الذي وصل بالكويت ليس إلى إفشال آلية التصويت فقط، بل الى «لحس» قرارات مجالس مهنية كما حدث في قطاع النفط، وصفقة شراء الطائرات لـ«الكويتية» التي ألغيت بسبب ضغط نائب واحد، كبدنا خسارة 1.2 مليار دولار دون أن يرف له جفن!
في هذه الأجواء تأتي أهمية ترتيب البيت الداخلي للأسر الحاكمة حتى تقدم نماذج جيدة في ضوء فشل أدعياء الديموقراطية، وهو ما رأيناه في عدد من دول الخليج التي تصدرت قائمة «منظمة الشفافية الدولية» بينما تراجعنا فيها مع كل تلك المنظومة الرقابية التي نتباهى بها ليل نهار، منظومة تم اختراقها من قبل هؤلاء الأدعياء الذين تضمهم سهرات صيفية في جبل لبنان في قصور بنوها من المال العام الذي رفعوا أصواتهم في التمسح به في الظاهر، وهتكوه في السر.
لهذا فإن متابعة تطوير آلية الحكم لدينا وتعزيز عرى التكاتف الداخلي أمر هام جدا، وذلك للرد على من يتحدث ـ بسعادة ـ عن الخلاف، وأهم من ذلك هو تكثيف الخبرات والمهارات الإدارية في الجيل الحالي، والقادم، من الأسرة الحاكمة، كي نواكب ما يجري حولنا في بيوتات الحكم الخليجي، وهذا الأمر ـ بالمناسبة ـ لا يحدث بمجرد إطلاق الأماني السعيدة، ولكن بحضور دورات تدريبية مكثفة يكون منها متفوقون وآخرون متوسطو الأداء، وليس سرا أن مثل هذه الدورات تعقد في دول الخليج منذ سنوات طويلة ويشارك فيها أصحاب مناصب قيادية من بيوت الحكم ومحيطه من قادة تلك الدول، وقد رأينا النتائج الايجابية لهذا النهج الذي ظهرت آثاره في إدارة تلك الدول، بكفاءة كبيرة.
كلمة أخيرة:
زار سفير فرنسي متقاعد كازاخستان، وتجول في أكثر من مدرسة فيها، لاحظ وجود علم دولة الكويت هنا وهناك، في الفصول وفي غرف المدرسين، سأل: «هل ساعدتكم الكويت في بناء هذه المدارس؟»، قالوا «لا» قال «إذن ساعدتكم في صيانتها؟» قالوا «لا، ولكن المفتش العام للتعليم وهو شخص مهم جدا، هو أحد خريجي بعثات البابطين الدراسية ـ ضمن 2000 خريج ـ وهو الذي يوزع هذه الأعلام، ويحرص على رؤيتها في كل زيارة، ونحن نحب أن نراه سعيدا».
نقل السفير الفرنسي إلى سفير الكويت في بون حاليا السيد جمال النصافي هذه الحادثة، وهو مصدر المعلومة.