قد ترى نفسك في حصار دائم مما يدور حولك أو من توقعات الآخرين عنك وقد تشعر بعبء كبير جراء ذلك وتنسجم مع ذلك الشعور حتى يصبح له صوت أشبه بصوت القاضي.
تمر السنين وترى نفسك مجرد توقعات وعشم وطلبات ورغبات لا تعرف من أنت ولم تتعرف على ذاتك بصورة حقيقية أنت تعرف عنها ما يريد منها غيرك.
فتثير التساؤلات رغبتك في الوصول ومن هنا تنطلق رحلة العبور لضفة أكثر أمانا.
أواجه الكثير من الاستشارات سواء في العيادة أو عبر مواقع التواصل وأجد ان أغلبيتها تدور حول الجهل بماهية الذات.
حين نجهل من نحن بالتأكيد سنعرفها من خلال الآخرين وربما نعيش عمرنا كله مع حقائق لا تمثلنا ونقنع أنفسنا بها حتى نصدقها ونتعامل على أساسها.
رحلة البحث لابد ان تكون نابعة من رغبة حقيقية في الوصول لجوهر من تكون وليس لتثبت للآخر انك لست ما يقصدون، فحين نبرر نخسر الوقت والجهد ويؤسفني ان أقول إننا نخسر حقيقتنا الطيبة من أقرب الناس لنا وهما الوالدان فكلما عاقبت وعنفت ظنا انك بذلك تربي فأقول لك لن يتبقى من ذلك الا صورة مهزوزة تهزها أي ريح لأن الأساس هش وليس متينا.
نعيش في مجتمعنا ونحن نريد ان نثبت لأبوينا اننا على قدر المسؤولية وبعد ذلك لنطاق عملنا وغيرها
فيصبح مفهوم المسؤولية مشتقا مما نحققه للغير وليس لنا فنصل لطريق مسدود وذلك ما يبرر فهمنا المضطرب لما نريد ساعة متحمسين وساعات أخرى مترددين.
ممارسة التسامح بحق النفس يساعدها على نمو التحفيز لديها لقد تعلمنا ان نلوم أنفسنا عند الإخفاق وان نقسو على الذات لأن الشقاء يجعلنا نشعر بأن هناك عزاء فنصبح نتمسك بهذه الأحاسيس لنتهرب من مواجهة ما نحن فيه وهذا للأسف ورثناه حتى لأولادنا.
لكي تنجح لابد ان تسهر الليالي مع انك تستطيع ان تنجح وتنام مبكرا لتحافظ على توازنك الجسدي والنفسي لكننا نتغذى على مشاعر العناء وذلك يتحول بعد فترة زمنية لسلوك لا نستطيع ان نستمتع إلا بألم.
هناك الكثير من المغالطات التي تعودنا على ان نستوعبها كأنها قواعد نجاح وللأسف ما هي إلا مشاعر شقاء. فدوما ذكر نفسك ان الأمور ستكون بخير فذلك يعطيها طابع الانتقال من صورة ذهنية معتمة إلى صورة زاهية واضحة.
إليك القواعد النفسية السليمة لبدء صفحة جديدة في تعاملك مع ذاتك واكتشافها في ظل تحسينك لها:
رحب بالتغيير لا تشعر بالقلق وإذا صادفك حاول ان تستمتع بما تفعل فذلك يحوله إلى نقطة تركيز إيجابية. توقف عن انتقاد ذاتك فالنجاح ليس ان تظهر بصورة ترضي الناس بقدر ان تكون مرتاحا مع نفسك.
رأي الآخر مجرد قول نقطة وانتهى السطر. لا تحاول ان تكتبه في أجندتك الذهنية أو تتعامل معه على انه حقيقة.
حاول ان تغير نمطية الشعور بالأسى الذي ينتابك بسبب الإخفاق قرب الصورة تصالح مع ما لم تستطيع فعله.
أفضل وسيلة للسيطرة على المجهول ان نكون «قدها وقدود» ان نعرف فالمعرفة تحول الواقع من معركة إلى تحدّ للذات فيصبح شعورك غير حتى طريقة كلامك فيها نبرة إصرار وعزم، وهذا هو ما لابد ان نكون عليه فنحن ولدنا لم نعرف لكننا بالتعلم أصبحنا ندرك ما في حوزتنا ونعرف قدرتنا.
نصيحة أرجو ان تتأملها بين الحين والآخر: عمر لوم الذات ما عمر للإنسان أي فرصة ولا أوجد الندم طريقا.
والخوف من الغد لن يغير منه شيئا بل سيجعلك فيه مثل الأطرش في الزفة فعش حياتك واعرف ذاتك لتعرف كيف تتعامل مع تحدياتك بصوتك أنت وليس بصوت غريب عنك.
Twitter @Dr_ghaziotaibi