بمناسبة حلول شهر الله المعظم، أقدم خالص التهنئة والتبريك لأهل الكويت خاصة وجميع المسلمين عامة، داعيا المولى جل وعلا أن يوفقهم لحسن صيامه وقيامه وأن يعيده علينا جميعا بموفور الصحة، وكمال العزة وتمام المغفرة.
شهر رمضان المبارك يعرف الناس عنه ويتحدثون أنه شهر الصيام والقيام والطاعات، «وهذا حق لا مراء فيه»، لذا تجدهم يطالبون بمزيد من الوقت للتفرغ للتعبد والتهجد، لكن الناس يغفلون عن حقيقة أن هذا الشهر هو شهر الجهاد والتضحية والعمل الجاد، شهر اقتناص الفرص للفوز بإحدى الحسنيين.
أجل، ففي شهر رمضان وقعت معركة بدر الخالدة وهي واقعة بذل الدم رخيصا في سبيل الله ولم يتعلل المسلمون الأوائل بالصيام والسهر للتهجد دفعا للجهاد، فمن يريد أن يتعبد الله لا يفكر في مصلحته الذاتية ولا يتهرب من أداء دوره الاجتماعي والوطني بحجة القيام بالمزيد من العبادة، بل عليه أن ينظر أيضا إلى دوره في الحياة وما ينبغي عليه فعله لتحقيق مصالح الناس وقضاء حوائجهم وتسهيل أمورهم.
الإسلام في نظر الغالبية المطبقة من المسلمين دين عبادة وتهذيب -وإن قلَّ من يطبق ذلك- ودين تنظيم للحياة له مزايا عظيمة وأحكام معجزة وأثر عظيم في الحياة، لكن المسلمين لا يتطرقون للحديث عن فريضة الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وكأنها ليست من الإســـلام، وهما الجانب الضابط في الحيــــاة وما استقام الإسلام إلا بهاتين الشعـــيرتين، فأصبح من ينكر المنكر بإخلاص ويطــــالب بجهاد الظالمين منبوذا في المجتمع موصوما بالخبل والجهالة إذا لم يتهم بالبدع والخروج على ولي الأمر وتصدر الفتاوى المثبطة ضده.
لقد تركز في أذهان الناس مفهوم للإسلام قائم على الراحة وابتغاء الأسهل، بينما قام الإسلام على طريق ذات الشوكة ويريد أن يسير عليه. انظر الى برامج التلفاز وأحاديث الراديو الرمضانية فلا تسمع إلا الجانب المترف من الإسلام أي الأخلاقي فقط تماما كالمسيحية وتترك حث الناس على المطالبة بالإصلاح وأداء دورهم الاجتماعي بالتصدي للظلم والفساد أيا كان نوعه ومهما كان مصدره.
في شــهر رمضان ورغم التعب والنصب، ترك المســلمون بيوتهم وحلائلهم وانطلقوا بهمة تناطح السحاب لمقاتلة عتاة قريش وطغاتها، فحقيق بشهر رمضان أن يسمى بشهر الشهادة والدم، فمن يبتغ الإسلام لا بد من اتخاذه كلا واحدا غير متجزئ، والإسلام لا يؤتي أكله كاملا إن لم يؤخذ كوحدة متكاملة فيها البذل والعطاء وفيه العبادة والتقرب وفيها الإنكار على الظالمين والأمر بالصلاح ومن التزم بعضا من هذا دون بعض فهو كمن يطلب ثمارا من أرض خــصبة لا يسقيها.
[email protected]