عشنا يومين من السعادة، بنى خلالهما كل منا آمالا عريضة بأن يستعيد منتخبنا الوطني لكرة القدم أمجاده في تقديم كل فنون المتعة والإبداع، القائمة على الروح القتالية العالية، والرجولة الحقة، والجماعية المتميزة فيما بين لاعبيه، لتنتقل الكرة بين أقدامهم، فتنتزع الآهات والصيحات من حناجرنا، وينطلق عنان الفرحة من قلوبنا.
لكن بكل أسف تبددت هذه الآمال سريعا، ووجدنا أنفسنا أمام واقع مؤلم، واقع شعرنا معه جميعا بالإحباط والأسى، ووصلت بنا الصدمة إلى دموع رأيناها تنهمر بغزارة من عيون أطفال في عمر الزهور، كانوا يمنون النفس بأن يعيشوا مع منتخبهم جولات من الانتصارات التي تبعث الفخر في نفوسهم، وتضعهم أمام صورة واقعية مع ما يسمعون عنه من تاريخ مشرف حافل لمنتخب بلادهم على مدى العقود الماضية.
وبينما نحاول أن نتجاوز تداعيات هذه الصدمة كان لا بد أن نقف على أسبابها، فالرياضة بلا شك فيها فائز وخاسر، وكما نفرح بالفوز علينا أن نتقبل الهزيمة، لكننا لا نقبل أن تكون الهزيمة بهذا الشكل المخزي، فكيف لمنتخب يؤدي بأعلى درجات التميز، ثم يصل به الحال خلال يومين فقط إلى قاع التشتت الذهني والسقوط البدني والتفكك الخططي؟!
عندما نعلم تفاصيل ما حدث مع بعثة المنتخب بعد مباراته الأولى أمام شقيقه السعودي سنتأكد أنه كلما ظهر الفساد وحلت الفوضى في أي مجال «كان الفشل الذريع هو النتيجة الحتمية، فالجزاء من جنس العمل، وبالتالي لا بد من المحاسبة وتحديد المسؤولين عن هذه المهزلة بكل وضوح وشفافية: من المسؤول عن دخول مشاهير السوشيال ميديا والفاشينيستات إلى معسكر المنتخب وغرف اللاعبين»؟!
ومن المسؤول عن الفوضى غير المسبوقة والاعتداءات المؤسفة على الطاقم الإداري من بعض مشاهير السوشيال ميديا ووصول الأمر إلى استدعاء أحد الإداريين في المنتخب إلى المخفر لمدة تزيد على أربع ساعات، وهو أمر أثر سلبا على تركيز كل أعضاء البعثة؟!
والأهم من هذا كله من المتسبب في تحويل فرحة الفوز بمباراة إلى حد السخرية والاستهزاء وصولا إلى حد العداوة بين دول أشقاء على عكس ما تهدف إليه الرياضية؟!
والآن بعد الخروج من البطولة ماذا استفاد هؤلاء غير العداوة واستقبال التفاهات من أمثالهم من السفهاء في دول أخرى؟ وإلى متى هذه السخافات في وسائل التواصل الاجتماعي تحت عنوان «سبني وأسبك»، ومن ثم تقوم أعداد من الناس بتشجيع هذا الحقد الغريب، وينجرف وراء ذلك من لديه غاية خبيثة ورغبة في زرع التفرقة فيتخذها فرصة للتكسب والبروز حتى ولو كان على حساب المودة والاحترام بين الشعوب!
لذا علينا ألا ندع الفرصة لهذه الشرذمة، ولنبادر بتفويت الفرصة عليهم لا مساعدتهم بالنشر!
نعلم جيدا أن منتخبنا يعاني من قصور في بعض الأمور الفنية، وكنا سنقبل الخروج بنفس راضية لو بقي الأمر في إطاره الفني، لكن ما حدث من تجاوزات يستوجب أن نقف وقفة صارمة ونعي الدرس بكل تفاصيله، ونبعد المقصرين فورا عن المناصب التي لم يعوا قيمتها، ولم يؤدوا حقها! بعيدا عن الواسطات والمحسوبيات.
٭ في الختام نقول لجماهير الأزرق لا تحزنوا، فهي منافسة رياضية شريفة بين أشقاء تجمعهم أواصر الأخوة والقربى، وما هذه البطولة إلا لتعزيز التقارب والمحبة فيما بيننا، لكننا نعلنها لكل المسؤولين أننا سننتظر حتى تستقيم الدفة وتعود أمجاد الأزرق في القريب العاجل!