«غسيل الأموال» مصطلح ندين به إلى «آل كابوني» الإيطالي زعيم عصابات شيكاغو خلال الفترة ١٩٢٠- ١٩٣٠ جاء من العمليات التي قام بها أعضاء المافيا في العشرينيات بشراء غسالات أتوماتيكية تقبل العملات المعدنية ذات الفئة الصغيرة كأجر لغسل الملابس، وفي نهاية كل يوم يجري إضافة جزء من مردود تجارة المخدرات على إيراد تلك الغسالات كي تبعد الشبهة عنهم.
يمكن تعريف غسيل الأموال على أنها جريمة تتمثل في تغيير صفة الأموال التي تم الحصول عليها بطريقة غير مشروعة مثل تجارة مخدرات، رق، دعارة، فساد سياسي، رشاوى، تجارة سلاح، تجارة عملات، تهرب ضريبي وإرهاب وغيرها وتحويلها من أموال قذرة إلى مشروعة عن طريق سلسلة من التحويلات المالية والنقدية.
هذه العملية تنطوي على اجراءات لطمس واخفاء المصادر الفعلية للأموال المشبوهة ليكون من الصعب اكتشاف هويتها الأصلية ودمجها داخل الاقتصاد بممارسة أنشطة وأعمال مسموح بها.
وتعد جريمة غسيل أو تبييض الأموال من التحديات التي لا تواجه حكومة بعينها بل العالم أجمع نظرا لتشعب أنشطة أصاحب الأموال القذرة التي يريدون دمجها داخل اطار قانوني يمنع مطاردتهم ويضفي شرعية على تعاملاتهم.
إسلاميا، قال تعالى (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون).
لقد حرم الله سبحانه وتعالى جميع مصادر الأموال الحرام ودعا إلى التجارة في المال الحلال الخالي من أي دنس وذلك مصداقا لمضمون القاعدة الفقهية: كل ما كان أصله حرام فهو حرام.
ونحن هنا نشير الى تاريخ غسيل الأموال لانتشارها بشكل غريب وجديد في مجتمعنا ومظاهرها كثيرة من مسابقات للهجن والأغنام وما يسمى بالفشينستات، والأهم من هؤلاء وما دفعني للكتابة ظهور رجال أعمال وهميين كالفقاعات، ولا أحد يدري عن مصدر أموالهم إلا من القصص الوهمية، وبعدها نكتشف تحويلهم للنيابة ويظهر لهم بعض الشركاء من المتنفذين ورجال سلطة وشخصيات مهمة، وأبرز ما يؤلمني بعض السياسيين لم يكونوا يملكون من الثروات شيئا قبل دخولهم هذا المجال، والآن يملكون الملايين ويتصرفون بها وكأنها آلاف! غير مبالين بالمساءلة القانونية ولا من الناس الذين أوصلوهم لهذه الكراسي ويعرفون حقيقتهم.
بل بالعكس الناس هي من تدافع عنهم ويتكلمون بثرواتهم كأنها شرعية وحق مكتسب!
وهنا نتساءل: «من أين لك هذا؟» لو أن هذا السؤال طرح لكل سياسي وتاجر لخاف معظم اللصوص والمرتشين والفاسدين وسراق المال العام، وكلنا يعلم أننا في دولة لا يتعدى تاريخها 300 عام، ونعرف بعضنا البعض، ونعرف من كان يملك المال، لذا يجب على الناس أن تعرف الناس المصدر فلا يعقل أن شخصا بين ليلة وضحاها يملك ملايين!
يجب ألا نكون مادة نصنع منها هؤلاء اللصوص ونشاركهم ونضع لهم مكانة وهم يقتاتون على المال الحرام، ويجب على الدولة ان تتحمل مسؤولياتها لمحاسبتهم.
وختاما: اللهم اكفنا وبلادنا أمثال هؤلاء وأكثر من الصالحين.
[email protected]
mmaldgaini@