لقد خلقنا المولى عز وجل في أحسن صورة، ومنحنا كل المقومات التي تمكننا من تحقيق الهدف الذي خلقنا من أجله.
ورغم امتلاكنا نفس الحواس والهيئة، إلا أن كلا منا له صفات وسمات تجعله متفردا عن غيره، فكل إنسان له شخصيته وتفكيره وميوله وآراؤه، ووسط هذه الاختلافات نجد ان البيئة والثقافة والتربية تلعب دورا كبيرا في تشكيل شخصية الانسان واعداده ليكون فردا ذا قيمة ورأي وفكر وعطاء وإنجاز داخل مجتمعه.
وفي الدول المتقدمة تعمل الحكومات على تنمية ملكات الإنسان وإمداده بالتعليم الجيد ليكون استثمارا عظيما يعود على المجتمع بالفوائد الكثيرة في المستقبل، وينطلق هنا الشخص من واقع نفسه وضميره ومنطلق ذاته نحو الابداع والتميز.
الأمر المهم الذي نريد القاء الضوء عليه هنا انه مهما تلقى الأشخاص تعليما واحدا، ومهما كانت ثقافتهم واحدة ومعتقداتهم ايضا واحدة يظل لكل منهم شخصية مختلفة وآراء خاصة به وتفكير ذاتي متفرد.
ولا شك ان هذا الاختلاف ان دل على شيء، فانما يؤكد عظمة الخالق عز وجل وقدرته المطلقة في هذا الكون الكبير، وهو ما يزيدنا ايمانا بكتبه وتصديقا لرسله، وحرصا على طاعته، والامتثال لأوامره.
واذا عدنا للاختلافات بين البشر فلابد ان نرتقي بأفكارنا ونسمو على الصغائر، وندرك بعقل متفتح ان اختلاف الآراء والرؤى والتوجهات ليس امرا سيئا يدعو للصدام، او التشتت، فهذه الاختلافات تجعل للحياة قيمة اعظم، وتدفع كل شخص لأن يبذل المزيد من الجهد والفكر ليحقق لنفسه مكانة مرموقة بين الناس.
قديما قال المثل: «لولا اختلاف الأذواق لبارت السلع» وهذا المثل يحمل الكثير من الحكمة، ويرصد بشكل فعال ومباشر أهمية هذه الاختلافات في استمرارية الحياة بشكل جميل، فمع الاتفاق على المبادئ العامة التي تحفظ أمن الوطن وتسهم في تقدمه ورقيه تكون هناك قناعات خاصة لكل شخص يسير عليها في حياته الخاصة ليشعر بالسعادة والرضا كما يحلو له.
وهنا لابد ان نتعلم كيفية تقبل «الاختلاف» فهي ثقافة مهمة يجب ان نحرص على تعليمها لأبنائنا، ولابد ان نركز على مقولة ان «الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية».
الاحترام المتبادل والاعتماد على الحوار وحسن الاستماع الى الاخر، ومواجهة الحجة بالحجة كلها امور يجب ان نحرص على تنميتها في نفوس ابنائنا، وعلى وزارة التربية أن تراعيها في المناهج الدراسية، لنبني مجتمعا قويا قادرا على العطاء حريصا على التكاتف، يبغض التمييز من منطلق عنصري يقوم على القبلية او الطائفية، وهو هدف سام لابد ان نسعى اليه جميعا.
[email protected]