«العانية» التي كانت تدفع للمعرس في يوم عرسه سابقا سببت حملا ثقيلا على كثير من أهل القبائل وخاصة إذا كان هناك أكثر من حفل زفاف في الشهر الواحد فيجب عليه أن يدفع تلك «العانية» وهو «يضحك» وبسبب تلك العادة المتعبة كان كثير منهم «يتسلف» مبلغا من المال حتى لا يحرج.. فكانت هاجسا مزعجا أدى إلى إتفاق أغلب القبائل وكانت هناك جرأة كبيرة لإلغائها وكان ذلك «تمردا» إيجابيا وكان قرارا «تاريخيا» كان الكثيرون في السابق يتحرجون من التطرق له فأصبحت تشاهد حاليا على جميع لوحات الأعراس (نعتذر عن قبول العانية).
إن التمرد الذي أتحدث عنه هو تمرد «إيجابي» لتصحيح سلوكيات أو تصرفات.. يقوم بها كثير من الناس في حياتهم اليومية جعلتهم «أسرى» لتلك السلوكيات والتصرفات دون محاولة لتغييره لأسباب عديدة كما هو في حالة «العانية»:
نسمع ونشاهد أن هناك كثيرا من العائلات قد «أثقلت» نفسها بالديون لأنها تريد أن تشتري «شاليها» وتريد «تقليد» فلان او فلانة فتجد مبررهم: ليش أهم أحسن من عندنا ؟! ذلك الأمر قد أتعبهم ماديا ونفسيا.. ولكن من أجل أن يقولوا لهم: ما شاء الله، ويا من حظهم عندهم شاليه، تلك الجملة فقط قد كلفتهم عشرات الآلاف من الدنانير! وهذا الأمر ينطبق على كل أمر يعتبر من الكماليات لأن القائمة تطول، فيجب أن نتمرد على التقليد «الأعمى» ونقتنع بما لدينا حتى نعيش بسعادة وراحة فالبساطة هي أروع الأشياء في حياتنا. يعجبك موظف مخلص في عمله وفجأة يصبح «متمردا» سلبيا والسبب أن هناك من أخبره بأن «لا يشط» عمره لأنه مهما عمل وأخلص سيكون نفس ذلك الموظف اللي ضارب الدوام بالطوفة ونايم بالعسل ويأخذ نفس التقدير والمميزات.. تجعله يتحبط ويلغي فكرة الإخلاص.. فيجب أن نتمرد على كل محبط يقف في طريقنا ونؤمن بأن عملنا هو لوجه الله ولخدمة وطني وأحلل راتبي تلك الجملة لو تطبقها الأغلبية في وظائفها لأصبحنا متقدمين في كل شيء ولا يقف هذا الأمر عن العمل بل يشمل أمورا حياتية عديدة وقفت أسباب كثيرة دون إكمالها فاستسلمنا لها دون أن نتمرد ونغيرها.
التعصب للتيار الديني، فعليك أن تكون (أصم، أبكم، أعمى) مهما كانت الأسباب دون أن تكون لديك حرية التعبير لأنها من المحرمات وهي منتشرة بين التيارات الدينية !! نحن نحتاج إلى تمرد إيجابي قوي بأن يكون هناك تحاور وتبادل الأفكار للوصول للغاية المطلوبة لأن الدين ليس حكرا على فئة دون أخرى.
إن التمرد الإيجابي يجب ألا يخرج عن الدين والعادات والتقاليد وهو تغيير بعض السلوكيات التي دخلت علينا وسببت لدى الكثيرين «إزعاجا» مزمنا، كما أن التمرد يشمل حتى التفكير في تغيير أسلوب حياتك التقليدي وأن تكون لك بصمة مضيئة في المجتمع والأهم من كل ذلك ألا تكون سلبيا في مجتمعك.
[email protected]