حسنا فعلت وزارة التربية في هذه الأيام بشأن محاربة الدروس الخصوصية، التي اصبحت كـ«الأفيون» لكثير من الطلاب وبعض المعلمين الذين اتخذوها بضاعة رائجة، وقد بدأت وزارة التربية خطوات جادة لمحاربة هذه الآفة التي باتت تثقل كاهل ولي الأمر، وتستنزف جزءا كبيرا من راتبه.
وقد اكدت «التربية» اخيرا انها ابلغت وزارة الداخلية لإلقاء القبض على الأشخاص الذين يقدمون دروسا خصوصية للطلبة في مقرات تم إعدادها دون وجود اي ترخيص، وشددت على انها ستقوم بإنهاء خدمات اي معلم يثبت تورطه بهذه الدروس الخصوصية، كما انها لن تدخر جهدا في محاربة تلك الظاهرة والتصرفات اللامسؤولة من قبل قلة من المعلمين، مشيرة الى انه سيتم التنسيق مع وزارة الداخلية ومتابعة التحقيقات الجارية مع الاشخاص المضبوطين وفي حال كان احدهم من المعلمين سيتم فصله فورا.
كل هذه الإجراءات التي اتخذتها الوزارة جيدة، وقد تحقق بعض اهدافها، لكننا كنا نتمنى لو أن وزارة التربية انتهت اولا من دراسة اسباب رواج الدروس الخصوصية ولجوء بعض المعلمين والطلاب على حد سواء إليها، وبعد معرفة الاسباب ومعالجتها، أعتقد ان الوزارة يمكنها القضاء على هذه الدروس ومكافحتها بطريقة صحيحة، ومن هنا فإن هناك بعض الامور التي يجب الالتفات إليها ووضعها في الحسبان قبل المضي في اتخاذ اي اجراء بشأن هذه القضية، واذكر منها:
- ـ ضرورة مراجعة مناهجنا التربوية، حتى الجديدة منها، وخصوصا مادة العلوم التي يعاني منها الطلاب والمعلمون كثيرا.
- ـ تدريب المعلمين المستمر قبل بداية دوام الطلاب بوقت كاف على المناهج والمقررات الجديدة.
- ـ تحسين اوضاع جميع المعلمين المادية، وخصوصا الوافدين منهم، ورفع رواتبهم، او اقرار بدل السكن لهم، لتحسين اوضاعهم المعيشية، الى جانب تقديم الحوافز الى المتميزين وتشجيعهم.
- ـ إعطاء مراكز رعاية المعلمين اهتماما اكثر، والارتقاء بها، وضرورة تفعيل دورها، ومتابعة المعلمين فيها متابعة جيدة حتى تحقق الهدف الذي وضعت من اجله.
- ـ الاسراع في إنجاز القناة التلفزيونية التعليمية، التي سمعنا عنها منذ زمن طويل، لكنها لم تر النور حتى الآن.
- ـ تخفيف نصاب المعلمين من الحصص الاسبوعية، ليتسنى لكل معلم معرفة طلابه معرفة جيدة، والوقوف على نقاط ضعفهم ومعالجتها.
- ـ تنظيم حملة اعلامية وتوعوية تشرح مخاطر هذه الظاهرة، وتبصير اولياء الأمور بضرورة القضاء على الدروس الخصوصية، والاستعاضة عنها بمراكز رعاية المتعلمين.
- ـ محاسبة المعلم الذي يثبت تورطه في إعطاء الدروس، وفصله من عمله.
- ـ التنسيق بين الوزارات المعنية لإغلاق اي معهد او مركز يقدم الدروس الخصوصية من دون ترخيص، واعادة ضبط منح التراخيص لمثل هذه المعاهد، ومنعها من مزاولة الدروس الخصوصية بحجة أنها معاهد تعليمية، لأن معظمها معاهد تقدم خدمات في تعليم الكمبيوتر واللغات فقط، ولا علاقة لها بالمناهج الدراسية.
نأمل أن تنجح محاولة الوزارة للقضاء على هذه الدروس، ولو أنها تحتاج إلى جهد كبير منها وملاحقة الأمر بشكل فعلي وعلى الدوام، لكنها قبل هذا وذاك يجب ان تقف على الأسباب وتعالجها، وعندها ستجد النتائج المبهرة التي لم تكن تتوقعها، وتقضي على هذا الأفيون بشكل فعلي.
samy- [email protected]