اختبرت روسيا صواريخ بقدرات نووية خلال مناورات عسكرية واسعة النطاق حملت اسم «الردع الاستراتيجي» وأشرف عليها الرئيس فلاديمير بوتين عبر «غرفة أزمات» في الكرملين، فيما حذرت واشنطن مجددا من أن موسكو تخطط لغزو أوكرانيا في غضون أيام.
في هذه الأثناء، شارك الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينكسي في مؤتمر ميونيخ للامن بألمانيا وعمل على حشد دعم حلفائه الغربيين رغم تزايد القصف بشكل كبير في شرق البلاد، حيث قتل جندي أوكراني وسقطت قذائف أثناء تفقد وزير داخلية أوكرانيا دينيس موناستيرسكي خط الجبهة دون أن تسجل أي إصابات.
وأثارت التحذيرات الأميركية وإجلاء المدنيين من المناطق الخاضعة لسيطرة انفصاليين مدعومين من روسيا في أوكرانيا مخاوف من اندلاع نزاع كبير في أوروبا ليبلغ التوتر الذي بدأ قبل أسابيع ذروته.
وجدد «الكرملين» التأكيد على أنه لا يخطط لغزو أوكرانيا التي أثارت حفيظة موسكو عبر سعيها لتوطيد العلاقات مع حلف شمال الأطلسي (الناتو) والاتحاد الأوروبي، حيث دعا الرئيس الاوكراني الحلفاء الأوروبيين لوقف «التهدئة» مع روسيا، وشدد في الوقت ذاته امام مؤتمر ميونيخ للامن على ان كييف تريد السلام.
وطالب زيلينكسي بجدول زمني «واضح» لانضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي، عارضا الاجتماع مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين.
وفيما لم تقم موسكو بخطوات جديدة لتخفيف حدة المخاوف الغربية، اتهمت وسائل الإعلام الرسمية كييف بالتخطيط لهجوم على جيب خاضع للمتمردين الموالين لروسيا في شرق أوكرانيا.
وبث التلفزيون الروسي صورا لبوتين ونظيره البيلاروسي ألكسندر لوكاشنكو أثناء جلوسهما على طاولة مستديرة في غرفة العمليات في الكرملين أمام شاشات تظهر القادة العسكريين وهم يختبرون أحدث صواريخهم الفرط صوتية والمجنحة والباليستية ذات القدرات النووية.
وقال الكرملين «ضربت جميع الصواريخ أهدافها، ما يؤكد على أهدافها المرتبطة بالأداء»، مضيفا أن قاذفات من طراز «تو-95» وغواصات شاركت في التدريبات.
وأشار الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف إلى شيفرات إطلاق الصواريخ النووية، قائلا «يستحيل القيام بهذا النوع من الاختبارات من دون رئيس الدولة. تعرفون الحقيبة السوداء الشهيرة والزر الأحمر».
وذكرت وزارة الدفاع الروسية أن جميع فروع القوات المسلحة شاركت في التدريبات، بما في ذلك قوات الصواريخ الاستراتيجية وأساطيل بحر الشمال والبحر الأسود، والتي تملك غواصات نووية.
وقد حذر الزعماء الغربيون روسيا من التفكير في استخدام القوة لتغيير الحدود الوطنية لأوكرانيا، مشددين على أن موسكو ستدفع ثمنا سياسيا واقتصاديا باهظا إذا أقدمت على أي تدخل عسكري ضد جارتها المباشرة، فيما أشرف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على مناورات «الردع الاستراتيجي» التي استخدمت فيها صواريخ باليستية ومقاتلات، وشهدت محاكاة لاستخدام الأسلحة النووية ضد تهديد محتمل.
وقالت نائبة الرئيس الأميركي كاملا هاريس إن الولايات المتحدة ستعزز الجناح الشرقي لحلف شمال الأطلسي (الناتو) ليكون ذلك بمنزلة رادع آخر لأي إجراء عسكري روسي، بالإضافة إلى التهديد بفرض عقوبات فورية وقاسية، بينما حذر الحلف من ان مخاطر اندلاع اجتياح روسي لأوكرانيا مازالت قائمة وحقيقية.
ومع ذلك، شدد الزعماء الغربيون أمام مؤتمر ميونيخ للأمن في دورته الـ 58 على أنهم يريدون مواصلة الحوار مع روسيا، وقال المستشار الألماني أولاف شولتس إن هناك مؤشرات واضحة تدل على أن روسيا مازالت مستعدة للديبلوماسية، فيما قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كلمة موجزة أمام المؤتمر إن كييف تريد السلام.
وقال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن الذي يزور ليتوانيا المنضوية في الحلف الأطلسي إن القوات الروسية «مستعدة للهجوم» و«تتوجه نحو مواقع مناسبة تمكنها من تنفيذ هجوم». كما حذر مسؤولون أمنيون غربيون من أن روسيا أعدت قوات كافية لغزو أوكرانيا في أي لحظة، مشيرين إلى أن موسكو ربما تسعى لإيجاد ذريعة لـ «غزو مستتر».
لكن وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك دعت إلى عدم «التكهن» بنوايا روسيا في ما يتعلق بأزمة أوكرانيا.
وقالت بيربوك في ردها على سؤال عما إذا كانت تتفق مع تقييم بايدن «في الأزمات، أسوأ ما يمكن القيام به هو التكهن أو افتراض» قرارات الطرف الآخر، وذلك في ختام اجتماع لوزراء خارجية دول مجموعة السبع.
ودعت ألمانيا رعاياها لمغادرة أوكرانيا «بصورة عاجلة»، وصدرت دعوة مشابهة من الجانب الفرنسي.
إلى ذلك، دعا وزير الخارجية الصيني الغربيين إلى احترام مخاوف روسيا وتساءل عما إذا كان توسع حلف شمال الأطلسي شرقا سيضمن السلام.
وقال وانغ يي في مؤتمر ميونيخ للأمن «يجب أن تكون أوكرانيا جسرا بين الشرق والغرب وليس خط مواجهة».
وأضاف «جميع الأطراف تملك الحق في إبداء مخاوفها، ويجب ايضا احترام مخاوف روسيا المعقولة وأخذها في الاعتبار».
ميدانيا، ذكر مراقبون من منظمة الأمن والتعاون في أوروبا امس أن الجبهة بين الجيش الأوكراني والانفصاليين المدعومين من موسكو في منطقتي دونيتسك ولوغانسك شهدت «زيادة كبيرة» في الانتهاكات لوقف إطلاق النار بين الطرفين.
واتهمت القوات المسلحة الأوكرانية المتمردين بشن سلسلة هجمات جديدة، مشيرة إلى عشرات عمليات تبادل إطلاق النار أسفرت عن مقتل جنديين على الأقل.
بالتوازي، أعلن الانفصاليون في شرق اوكرانيا التعبئة العامة في المنطقتين، داعين الرجال إلى القتال بينما أعلنوا عن عمليات إجلاء واسعة للنساء والأطفال إلى روسيا.
وأعلن محافظ منطقة روستوف الروسية المجاورة حالة الطوارئ فيما عبرت حافلات على متنها آلاف الأشخاص الحدود، رافقتها طواقم من وسائل إعلام رسمية روسية.
وأفادت لجنة التحقيقات الروسية، التي تحقق في الجرائم الأكبر، بأنها فتحت تحقيقا بشأن تقارير إعلامية تحدثت عن انفجار قذيفة أطلقتها القوات الروسية على بعد نحو كيلومتر عبر الحدود في روستوف.
نفى الاتهامات الروسية لبلاده بالتخطيط لعملية هجومية عدائية في «دونباس»
السفير الأوكراني لـ «الأنباء»: ملتزمون بالتسوية الديبلوماسية للأزمة
أسامة دياب
نفى السفير الأوكراني لدى البلاد د.أوليكساندر بالانوتسا الاتهامات الروسية لبلاده بالتخطيط لعملية هجومية عدائية في دونباس، واصفا المزاعم الروسية حول عزم الحكومة الاوكرانية شن عملية هجومية في المناطق المحتلة مؤقتا في منطقتي دونيتسك ولوغانسك بالمختلقة والتي تنافي الواقع.
وكشف بالانوتسا في تصريحات خاصة لـ«الأنباء» عن سبب عدم تفكير أوكرانيا في التخطيط أو القيام بأي عمليات تخريبية في دونباس هو أن المواطنين الأوكرانيين يعيشون على جانبي خط الاتصال مع القوات الروسية، مشددا على أن أمن وسلامة ورفاهية المواطنين الأوكرانيين تمثل أولوية مطلقة لبلاده.
وتابع: بالطبع، ترفض أوكرانيا رفضا قاطعا محاولات روسيا تصعيد الوضع الأمني المتوتر بالفعل، ومازلنا ملتزمين بقوة بالتسوية السياسية الدبلوماسية، ونعمل مع شركائنا، على مضاعفة الجهود للحد من التوتر وإبقاء الوضع متماشيا مع الحوار الديبلوماسي، وفي المقابل نلاحظ أن روسيا الاتحادية تعمد إلى نشر معلومات مضللة على نطاق واسع وتصعيد الوضع الأمني، لافتا إلى أن روسيا تقوم بمثل هذه التحركات لزيادة الضغط النفسي على كل من الحكومة الأوكرانية وسكان الأراضي المحتلة مؤقتا، وتشكيل خلفية إعلامية لإخفاء تصعيد الوضع الأمني.
وأشار إلى أنه قد حان الوقت لاتخاذ إجراءات حاسمة لمنع أي موجة جديدة من العدوان على أوكرانيا والتي ستكون لها عواقب مدمرة ليس فقط على أمن المواطنين الأوكرانيين، ولكن أيضا على أمن جميع مواطني أوروبا، داعيا المجتمع الدولي الى تحمل مسؤولياته ومنع نشوب صراع مسلح جديد في أوروبا، كما ناشد الدول الأجنبية والمنظمات الدولية التنديد الفوري بالاستفزازات التي تقوم بها روسيا وأساليب إدارة احتلالها لدونباس والتي تقوض عملية التسوية السياسية الديبلوماسية، وحث شركاء بلاده على التحرك لردع العدوان على أوكرانيا، موضحا أن غياب رد الفعل المناسب أو الموقف المحايد لن يؤدي إلا إلى مزيد من التصعيد.
موسكو تستدعي «الاحتياط».. و40% من قواتها على الحدود بوضع الهجوم
عواصم- وكالات: وقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرسوما يقضي باستدعاء الاحتياط من المواطنين الروس للتدريب العسكري.
وجاء في الوثيقة التي نشرت على البوابة الرسمية الروسية للمعلومات القانونية على الإنترنت، أنه تمت دعوة مواطني روسيا الموجودين في قائمة الاحتياط لعام 2022 للخضوع لتدريب عسكري في القوات المسلحة الروسية، ووكالات أمن الدولة ووكالات خدمات الأمن الفيدرالية.
إلى ذلك، وجه مجلس الوزراء الروسي السلطات المعنية إلى ضمان تنفيذ الإجراءات المتعلقة بدعوة المواطنين إلى معسكرات التدريب، وعقد هذه المعسكرات التدريبية المحددة في الوثيقة نفسها.
أتت هذه التطورات بينما أعلن مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية (الپنتاغون) أن أكثر من 40% من القوات الروسية المحتشدة على حدود أوكرانيا اتخذت وضعية هجومية.
وقال المسؤول طالبا عدم كشف هويته، إن الولايات المتحدة التي تقدر عدد القوات الروسية المنتشرة حاليا شمال أوكرانيا وشرقها وجنوبها بأكثر من 150 ألف جندي، رصدت منذ الأربعاء الماضي تحركات لقوات روسية باتجاه الحدود.
وأضاف أن ما بين 40% و50% من تلك القوات اتخذت وضعية هجومية، وانتشرت في نقاط تجمع تكتيكية، موضحا أن هذه النقاط هي مناطق قريبة من خط الجبهة تتجمع فيها وحدة عسكرية قبل شن هجوم.
وتابع قائلا: إنه تم وضع 125 كتيبة عسكرية روسية قرب الحدود الأوكرانية امس الأول مقارنة بـ 60 كتيبة في الأوقات العادية و80 كتيبة في أوائل فبراير الجاري.