هناك علاقة وطيدة بين الشعر والبحر وهذا ما أكده احد الشعراء ضمن أبياته:
البحر والشعر تربطهم مواثيق وزمالة
من يرد الموج والشاعر ليا هبت هبوبه
وفي بيت آخر يخاطب الشاعر البحر قائلا:
يا بحر لو أكتب أبياتي على موجك رسالة
بيت واحد من بيوتي يقلب أملاحك عذوبة
لكن في نظري، الجبال تأتي في مرتبة متقدمة في قائمة العناصر البيئية التي يستمد منها الشعراء قصائدهم وصورهم الشعرية، وعندما رثى الفارس الشهير شالح بن هدلان أخاه «الفديع» بدأها بـ:
أمس الضحى عديت روس الطويلات
وهيضت في راس الحجا ما طرالي
وتسابقن دموع عيني.. غزيرات
وصفقت بالكف اليمين الشمالي
وجريت من خافي المعاليق ونات
والقلب من بين الصناديق جالي
وهي قصيدة أشهر من نار على علم، والشاعر عندما قال قصيدته كان في رأس اكبر جبل قريب منه.. نعود الى شاعرنا الأول الذي بدأ قصيدته بعلاقة البحر والشعر ووصفه الرائع للكرم، وهذا «بيت القصيد» الكرم من الصفات الحميدة التي يتحلى بها الرجل العربي، عادة الكرم الذي يتخذه عادة ومبدأ يسير عليه الرجل ويوصي أبناءه بالتحلي به وهو عادة أوصى بها خاتم الأنبياء وصفوة هذه الأمة نبينا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، وقد أوصى أصحابه بالتحلي بها وأمته التي على دينه.
الشاعر اكد أن الكرم لا يتعلق بغني أو فقير إنما غريزة في الإنسان ودوافع تدفعه للقيام بتقديم أكل أو شرب أو مال لمن يرى انه مستحق ذلك، وفي هذه الأبيات أبدع بنقل صورة الفقير الكريم:
كم مرة جاه حمل ما يطيقه وارتكى له
من عناده للحمول الجايرة ما قال توبة
لو تسلف واجب ضيوفه من هنود البقالة
مع صلاة الظهر في جدة وفي عز الرطوبة
لجل ما يدرون ضيفانه.. بحاله كيف حاله
ما يجيهم غير مستانس..ويضحك مع جنوبه
وهنا الإبداع في وصفه بأن الرجل الذي أكرم ضيوفه كان يبتعد عن منطقته ويحمل نفسه الديون حتى لا يعلم أحد من معارفه بالديون التي أرهقت كاهله والأبيات تحكي صورا لا يمكن وصفها بالكتابة، ثم يتطرق الشاعر الى البخل والبخيل ويقول:
البخيل تشوف وسم الضيم حتى في عياله
ما تقول الا مشلوطهم على النار الشبوبة
نعنبوا جد البخل واللي يحطه رأسماله
البخيل بخيل ما يعطيك حتى من ذنوبه
وهنا نتعوذ كما تعوذ الرسول صلى الله عليه وسلم من البخل، اللهم انا نعوذ بك من البخل!
والله والمستعان.