الداخل الى مقر شركة @trycarriage يمكنه سريعا فهم لماذا استحوذت هذه الشركة الإنترنتية الناشئة في قطاع توصيل الطعام على اهتمام شركة ديليفري هيرو الألمانية للاستحواذ عليها في صفقة مقدرة بـ200 مليون دولار.
الشباب هنا يديرون البزنس بشكل كامل، عبدالله المطوع - الرئيس التنفيذي - يجلس في مكتبه الصغير المتواضع أمام كمبيوتره لإنهاء أعماله، وبجانبه مكاتب صغيرة أيضا لفريق من 4 شباب كويتيين لم يتجاوزوا الثلاثين من عمرهم يقومون بالتسويق وإدارة العمليات ويلبسون التيشيرت والجينز ومليئين بالحيوية، ويتواصلون لحظة بلحظة مع موظفين شباب وفتيات، كويتيين وعرب، الذين يجلسون في مكاتب صغيرة ايضا في صالة للأعمال، وكل عدتهم اجهزة كمبيوتر يراقبون من خلالها سير طلبات الطعام من المطاعم الى الزبون.
تلفتك سريعا ديكورات الصالة «المتواضعة والشبابية»، فكلها رسومات وشعارات تحفيزية عن العمل والنجاح والتحدي لرواد اعمال في عالم الإنترنت مثل مايكل زوكربيرغ وغيره، وحتى أجندة اجتماعات العمل موضوعة على لوح صغير وتتم بشكل تلقائي وسريع. ولهؤلاء الشباب طريقتهم الخاصة في التسويق الذكي الذي عشقه الناس ومحبي الأكل «شنو الحلو اليوم.. يلا نخرب الريجيم.. شنو الغدا اليوم».. وغيرها من العبارات التي تصلك الى موبايلك وتحثك على الابتسامة والطلب سريعا، ويمكن مشاهدة التفاعل مع الذكاء التسويقي هذا على حسابات «كاريدج» في السوشيال ميديا.
لا أخفيكم أني كنت اعتقد ان trycarriage.com هي تقليد لطلبات.كوم، حتى جاء موعد مقابلتي مع عبدالله المطوع الذي فاجأني بوضوح نموذج الأعمال في ذهنه ورؤيته المستقبلية.
اختصر عبدالله القصة بأن شركته ذهبت ابعد من مجرد احداث منصة او موقع الكتروني يجمع بين صاحب المطعم والزبون، بل حاولت ادخال نموذج اقتصادي جديد في الكويت وهو الاقتصاد تحت الطلب بحيث «نوفر المنصة أو التطبيق للعميل والمطعم، بينما نقوم نحن أيضا في العمل اللوجستي عبر التوصيل وتأمين السائقين، وبذلك يصبح طلب الوجبة من المطعم الى وصولها الى العميل عملا الكترونيا من دون تدخل بشري، مما يقلل الأخطاء ويسرع العملية بهدف ارضاء الزبون».
طبعا الفكرة تشبه الى حد ما نموذج «أوبر ايتس»، ولها بعد اقتصادي، فصاحب المطعم متخصص في صناعة وجبات الطعام، وربما تحميله مسؤولية التوصيل ستضاعف مهمتمه وربما تضعفها، لذا فإن دخول شركة مثل «كاريدج» توفر منصة تلاقي بين البائع والمشتري، اضافة الى تأمين شبكة سيارات التوصيل، ستريح المطعم وتتركه في تخصصه، بينما ستتحمل هي مخاطر التوصيل للزبون. لكن البعد الأعمق لهذا البزنس هو قدرة شركة مثل «كاريدج» أن تشبك أعمال المطاعم بها لتصبح أشبه بشركات تابعة بشكل أو بآخر، فعملياتها لا تتم الا عن طريق منصتها وشبكة التوزيع والتوصيل، وربما لهذا السبب نمت «كاريدج» بشكل سريع، فيكفيك حجم المعلومات التي جمعتها الشركة من خلال خبرتها اللوجستية في التوصيل ومعرفة أرقام بيوت الزبائن وطلباتهم وماذا يحبون وما لا يحبونه، وحتى انها تفهم مزاجهم وتعرف التواصل معهم جيدا، ومن هنا يُفسر لماذا وجدت الشركة المالكة لـ40% في شركة ديليفري هيرو فرصة في «كاريدج»، وهذه الشركة هي «روكيت انترنت» التي استحوذت قبل 3 سنوات على «طلبات»، اي فعليا اصبحت «كاريدج» منافسة «طلبات» زميلتين ضمن المجموعة الواحدة. «طلبات» التي طورها محمد جعفر واصبح أيقونة في عالم مشاريع بزنس الانترنت، يجد اليوم من يسير على خطاه مثل عبدالله المطوع، ليثبتوا هؤلاء الشباب الكويتيين مرة أخرى قدرتهم وإيمانهم بمشاريع الإنترنت، وليعطوا مرة اخرى درسا بصناعة المستقبل والصفقات للتجار التقليديين!
boumeree@