تثار هذه الأيام تساؤلات ملحة إذا كانت فقاعة أسهم التكنولوجيا الأميركية على وشك الانفجار، بعد أن تم طرد الرئيس التنفيذي لشركة «وي وورك» WeWork أدام نيومين، وهوى تقييم الشركة، التي تعتبر قصة نجاح في قطاع التكنولوجيا، من 50 مليار دولار تقريبا إلى نحو 10 مليارات دولار، ما افترض تأجيل إدراجها.
و«وي وورك» هي واحدة من الشركات التكنولوجية الأميركية التي نشأت في فورة شركات التكنولوجيا قبل 10 سنوات مستخدمة التطبيقات في الموبايلات الذكية في أعمالها.
وعلى غرار «أوبر»، التي يستخدم الناس تطبيقها للانتقال من نقطة «أ» إلى نقطة «ب»، ابتكرت «وي وورك» نموذج أعمال يعتمد على الاقتصاد التشاركي، اذ تقوم الشركة باستئجار مساحات مكتبية ثم تؤجرها للأفراد أو الشركات بحسب الطلب، كأن يطلب شخص ما أو شركة استئجار مكتب لمدة ساعة لعقد اجتماع مقابل سعر معين.
وقد نجحت الشركة نجاحا باهرا في السنوات الأخيرة، وأصبحت ضمن قائمة أكثر الشركات الناشئة نجاحا، مثل «أوبر» ومنافستها «ليفت» وشركات مثل «سلاك» و«اير بي اند بي» و«زووم» و«أوبر» وغيرها.
لكن في السنتين الأخيرتين ظهرت المشاكل في الشركة. فمن الناحية المالية، تحولت «وي وورك» إلى شركة تشتري المكاتب، أي تتملك أصولا عقارية، في وقت تصل فيه أسعار العقارات التجارية إلى مستويات قياسية في المدن الرئيسية في أميركا بفضل قوة الاقتصاد والطلب على المكاتب.
وأصبحت هناك تساؤلات في السوق اذا كانت «وي وورك» فعلا تطبيقا إلكترونيا يوفر مساحات مكتبية بالساعة أو تحت الطلب، أو هي شركة عقارات تمتلك أصولا عقارية.
وظهرت علامات استفهام اذا كانت هذه الأصول تقابلها ديونا كبيرة لشراء العقارات أو يتم تحميل التكلفة على المستثمرين الذين يضخون أموالهم في الشركة، وما سيكون مصير هذه التكاليف اذا تراجع الاقتصاد وقل الطلب على المكاتب.
والمشكلة المالية الأكبر كانت في تحميل خسائر من اشتراكات واستئجار المكاتب، بعد أن ظهر أن كل دولار تكسبه الشركة تخسر مقابله دولارين، وهو أمر شبيه بما يجري في «أوبر» التي تخسر في كل رحلة يقوم بها السائقون، وتدفع لهم نسبة عن كل رحلة حتى لو لم تحقق أي أرباح.
وكان المستثمرون يأملون بأن تكون «وي وورك» قصة نجاح أخرى تدرج هذه السنة في البورصة الأميركية مستفيدة من الزخم الذي تعيشه الشركات التكنولوجية التي أدرجت في الأشهر الأولى من هذا العام، مثل «ليفت» و«سلاك» و«بينترست» وغيرها.
وكان التقييم الأولي الذي رجحته الأسواق لـ «وي وورك» عند 47 مليار دولار تقريبا، لكن التحول في نموذج العمل والكشف عن الخسائر وسوء إدارة الرئيس التنفيذي والشكوك التي ظهرت حول تسعير شركات التكنولوجيا، خصوصا بعد أن تراجع سهم «أوبر» في أول يوم إدراج له عن التقييم المتوقع، دفع الى انهيار تقييم «وي وورك» الى نحو 10 مليارات دولار، وتراجعت الشركة عن قرار الإدراج وأجلته إلى موعد لاحق.
وأعطى ذلك مؤشرا سلبيا جدا بأن هناك فقاعة في الأفق في شركات التكنولوجيا، خصوصا أن تقييماتها كانت مبالغ فيها، وقرعت «وي وورك» جرس المخاطر العالية في هذه الأسهم، التي يحتمل أن تدفع إلى فقاعة سريعة، وتفقد المستثمرين الذي راهنوا فيها على هذه الشركات أموالهم.
@boumeree
[email protected]