مرحلة جديدة يعيشها الاقتصاد الكويتي مع بدء الاكتتابات في شركات مختلفة نوعيا عما اعتاد السوق أن يطرح سابقا من شركات، فالفرص الآن لاكتتابات المواطنين في شركتي بورصة الكويت وشركة شمال الزور الأولى للطاقة والمياه، هي فرص بمؤسسات كانت محتكرة من قبل الحكومة منذ تأسيسها كما هي الحال بالبورصة، أو متحكم فيها كما هي الحال بقطاع الكهرباء.
وحسنا فعلت الحكومة الكويتية ببدء التخلي عن ملكياتها، لتسلم الملكية إلى القطاع الخاص من أفراد وشركات، حيث كشفت التجربة عن أن الحالة الأنسب لنجاح الاقتصادات هي في تسلم القطاع الخاص للشركات، عبر اكتتابات عامة ومزادات ورخص للمنافسة.
وسيكون هناك نمط جديد من المساءلة، حيث سيضغط المساهمون الذين دفعوا أموالهم في الاكتتابات لتحصيل أرباح، وسيضع ذلك مسؤولية على الشركات لتعمل بكفاءة في إدارة المصاريف لترفع الأرباح وتستجيب للملاك المساهمــين.
والحكومة بدورها ستفتح رخصا جديدة لشركات أخرى في السوق، وهو أمر سيعزز المنافسة ويرفع كفاءة الاقتصاد عموما.
ومع أن الحكومة فعلت ذلك تحت ضغوط تراجع اسعار النفط والحاجة الى إيرادات لميزانيتها التي تقول إنها دخلت في عجوزات مالية. إلا أن ذلك المؤشر السلبي هو أمر جيد للناس الذين فتحت لهم فرص في اقتصاد تتحكم الحكومة بكل مفاصله.
فسابقا، كانت الحكومة تدعو الناس للعمل الحر والذهاب للقطاع الخاص، في وقت لا يجدون فرصا للمنافسة مع حكومة لديها حنفية للتوظيف والإنفاق والصرف، فهل يمكن لشركة صغيرة أن تنافسها؟!
لكن الآن الوضع اختلف، وبدأت الخصخصة وبيع الملكيات العامة، وهو أمر فعلته بريطانيا بعهد رئيسة الوزراء مارغريت تاتشر في الثمانينيات. وكادت هذه الدولة، التي يعتقد أنهـــا عظمى، أن تفلس لولا بيع كل شيء مملوك للحكومة، وكـــان الحــل الأنســـب لاستمرارهــا.
وما تقوم به الحكومة في الكويت، وسبقتها فيه حكومة دبي وتعمل عليه الآن حكومة السعودية، هو أن الحل الأنسب هو التخلي عن الملكيات الحكومية لتحصيل الايرادات.
ولا شك أن الكاش لدى حكومات الخليج أصبح أقل، فبدأت تبيع، وهي فرصة جيدة للناس لتشتري وتدير وتحرك أموالها الراكدة، أو على الأقل أمامها فرصة للاجتهاد.
وقانون الخصخصة الذي يتيح للناس الاكتتاب في 50% من الشركات، هو قانون جيد، فالمواطنون سيملكون نصف الشركات تقنيا، والأفضل الا يبيع الشاري الاسهم العامة عند أول فرصة، لأن سعر الاكتتاب اسمي ومن دون أي علاوة، أي ان الشخص يشتري السهم بقيمة عادلة وبسعر موحد للجميع.
وفي شركة الكهرباء الرابحة، بحسب إعلان الشركة، المواطن يشتري سهما مضمونا، لأن الحكومة قررت ان تشتري منتج هذه الشركة لمدة 40 عاما.
وكانت هناك ضغوط على وزارة الكهرباء والمياه في الانتاج، فقررت أن تكلف شركة لتقوم بعملية الانتاج بينما تضمن لها ان تشتري سلعتها، مع فتح مجال لاكتتاب 50% من الشركة للمواطنين.
وفي شركة البورصة هناك جهد لتقليل التكاليف وإيجاد إيرادات من منتجات جديدة، وستكون البورصة الكويتية أول بورصة خليجية مملوكة بنسبة تصل الى 94% للقطاع الخاص.
ولا منطق فعليا من أن تتملك الحكومة البورصة، الا اذا كانت تريد التحكم في السيولة والنشاط، والحكومة تقول دائما انها لا تتدخل في آليات العرض والطلب في السوق، وإنما تدخل - عبر شركات تستثمر فيها مباشرة او غير مباشرة - كمستثمر للبحث عن الفرص، لذا فالأفضل ان تبيع البورصة، خصوصا انها فشلت في ادارتها في الأزمة المالية عندما استغل البعض الفراغ في الرقابة والتشريع ليتلاعبوا بالأسهم أو ليبيعوا على الناس في اكتتابات عامة شركات من ورق.
والفرق الآن كبير، فالشركات التي تعرض للاكتتاب هي شركات حقيقية، ولديها إنتاج حقيقي، وحتى لديها زبون مضمون كما الكهرباء، أي لا منطق في عدم الدخول في الاكتتابات إلا لمن لديه فرص أفضل بالدينار أو بالدولار.
boumeree@
[email protected]