لم تعد الشركات الناشئة تهتم بمهارة ومعرفة المدير في صناعة ما، بقدر اهتمامها بقدرته على إدارة فريق بشكل يبث فيه روح العمل الجماعي.
وكثير من شركات السيليكون فالي، بما فيها الشركات الكبرى مثل ابل وغوغل وفيسبوك، تتخلى عن او ترفض مرشحا لإدارة قطاع فيها اذا لم تكن لديه مهارات في الإدارة والعمل ضمن الفريق حتى لو كان محترفا في مجال معين تحتاجه هذه الشركات.
المهم لدى هذه الشركات قدرة هذا المدير على الانسجام مع الفريق وإعطائه صلاحيات للعمل والإنجاز والإبداع. فلو كان الفريق منزعجا من العمل مع مديره، لن يبدع ولن ينجز، وبالتالي لن تحقق الشركة شيئا من توظيفها لهذا المدير.
وهناك أسئلة بدأت تطرح في مقابلات العمل للتأكد من ان مرشحا ما يستوفي شروط العمل الجماعي والعمل ضمن فريق. ومن هذه الأسئلة مثلا اذا اعترض أحد موظفي إدارتك، او زميل لك على فكرة او مشروع طرحته انت، او انتقده بشدة بالغة ونسف كل أركانه واعتبره ركيكا لا يصلح للتنفيذ، فكيف تتعامل مع هذا الموقف؟
الغرض هنا هو فهم كيفية استجابة المرشح لحالة فيها تصادم او تحتمل التصادم في وجهات النظر ضمن الفريق الواحد، او المشروع الواحد. والرد هنا يأخذ بعين الاعتبار طريقة تفكير المرشح في دفاعه عن مشروعه من دون التصادم ومن دون فرضه بالقوة، وفي سرد حالات شبيهة حصلت في وظائف سابقة مارسها.
فالمهم هنا هو التأكد ان الأمور ستكون سلسة في عملية الانتقاد، فبالتالي تضمن الشركة حق الآخرين في قول وجهة نظرهم من دون خوف او تردد، ما يتيح الاستماع الى الرأي الآخر. كما يهمها معرفة مدى تقبل المرشح للانتقاد وأسلوب دفاعه عن وجهة نظره وإقناع الآخرين بها.
فهذه الشركات الناشئة تترك الحرية للإبداع لدى موظفيها لكي يقوموا بأعمال تعتبر أحيانا مخاطرة كبيرة، فقط لأن من مصلحتها ان تكسر القيود وتفتح باباً لأفكار جديدة خارج الصندوق. فبهذه الطريقة وحدها يمكنها ان تتطور وتخلق أفكارا مبدعة تسمح لها بالمنافسة في السوق.
وإذا كان الموظف قادرا على قول رأيه بحرية، اي ضمان حرية التعبير، فبهذه الحالة قد يفكر بطريقة مختلفة لحل مشكلة ما، قد لا تخطر على بال من اعتاد ان يكرر الحلول نفسها لمشكلات معينة.
والميزة في هذه الشركات انها تتعامل مع كل موظف على انه مدير، لديه مشروعه الخاص، وأمامه فرصة لتنفيذه مع فريق العمل. وهنا على كل موظف - صاحب مشروع - ان يقنع موظفين آخرين في الشركة بالدخول معه في المشروع، لتصبح المصلحة مشتركة بين الجميع. ويساعد هذا النموذج على خلق قادة اعمال ضمن الشركة الواحدة، وتفكير مستقل لديهم في إنجاح مشاريعهم، كما تشعرهم انهم يقودون شركات صغيرة ضمن الشركة الأم، اي انها تنمي مهارة المبادرة والقيادة وبناء الشركات القائم على العمل المشترك. كما يسقط هذا الأمر فكرة الأحادية في الإدارة «one man show» والتفرد بالقرار ويخلق الإيثار لدى الفريق، اي تضحية بالنجاح الفردي من اجل نجاح المجموعة.
boumeree@
[email protected]