نامت السوق الكويتية لسنوات طويلة، وقد حان الآن الاستيقاظ. لا شيء كان يدعو في السابق للنهوض. كانت مرحلة لملمة أوراق بعد الأزمة المالية في 2008. الآن الأمور تغيرت، خرج من خرج، واتضح المشهد اكثر. بدأ الكبار يتحركون، والسوق الكويتية صغيرة، وعدد اللاعبين المؤثرين فيها بعدد اصابع اليدين، ولكم من مؤشر السوق الاول حاليا وقبله كويت 15 مثال واضح. في مشهد السوق شركات عدة تتحرك، كل بحساباته الخاصة، ولتحركهم منطق واضح.
آخر الأخبار كان تحرك بيت التمويل الكويتي نحو الدمج مع الاهلي المتحد البحريني، خطوة ذكية وبتوقيت صحيح. فـ«بيتك» اصبح كبيرا في سوق صغير. وقبل الادارة الحالية ثمة من ذهب إلى أسواق صعبة مثل تركيا وماليزيا، بينما الإدارة الحالية ذهبت لألمانيا واليوم تتجه لبريطانيا ومصر مع الدمج مع الأهلي المتحد. خطوة فيها تكامل بين اتجاهات الكويتيين الخارجية لأسواق بريطانيا، إضافة إلى فتح نافذة لعملاء «بيتك» المصريين وهم ثاني اكبر جالية بالكويت، ولدخول سوق مليئة بالفرص، تهم الكويتيين كما كل الخليجيين.
في الجانب الآخر، تحركت مشاريع الكويت القابضة (كيبكو) عبر ذراعها الاستثمارية «كامكو» للاستحواذ على «غلوبل»، خطوة موفقة أيضا، وبتوقيت ذكي بعد ان اصبح اغلب ملاك «غلوبل»، وهم الدائنون السابقون، أمام ملكية مشتركة لا تقع في صلب أعمالهم ومغطاة بالمخصصات، لذلك فانه الوقت المناسب لقطف الثمار والتخارج بالنسبة لهم. و«كيبكو» التقطت الاشارة وتحركت سريعا، ولطالما نجحت هذه الشركة في توقيت صفقاتها على مدار السنوات الماضية، فاختارت الخروج عندما لزم ذلك كما في الوطنية للاتصالات، ثم أحسنت تعزيز ملكياتها في شركاتها في الأزمة، عندما غابت الفرص بالسوق وانهمكت الشركات بترتيب بيتها الداخلي. وأمس جمعت «كامكو» 40 مليون دينار في اصدار سندات سريعة التغطية لتمويل عملياتها المستقبلية، وهي اشارة، ربما، لقرب الاستحواذ على «غلوبل».
ثمة من يتحرك أيضا. انها «أجيليتي»، التنين الذي لطالما طال غيابه، ليصحو فجأة على صيد ثمين. فالآن شركة أبراج القابضة طائر جريح وآيل للسقوط، وما على «أجيليتي» الا استغلال الفرصة المناسبة. وقد يكون ذلك عهدا جديدا لـ«أجيليتي» ان أرادت فعلا التوجه نحو قطاع إدارة الأصول والملكيات الخاصة. ورغم تحديات هذا القطاع إلا ان «أجيليتي» قد تظفر بثقة ضحايا «أبراج»، لأنهم بحاجة جميعا الآن الى منقذ ليخرجهم من ورطتهم.
في السوق أيضا تحركات كثيرة، وان كانت أحجامها اقل من الثلاثة أعلاه، فهناك من يندمج كما الإعلان مؤخرا لشركتين تابعتين للامتياز، وهناك من يجري صفقات استحواذ صغيرة الحجم لكنها لافتة لأنها تعطي إشارات على أخذ مخاطر أعلى، بعضها في الداخل وأخرى في الخارج.
وفي العامين الماضيين ظهرت نماذج ناجحة جديدة بالسوق مثل هيومن سوفت، وصفقاتها المليونية، وفي الوقت نفسه ظهرت بوبيان للبتروكيماويات وجرأتها بالتحول نحو قطاعات تعليمية وصحية وآخرها «فاشينيستية». والقائمة تطول لكن العبرة واحدة، فالكبار تحركوا، وهذا يعني أننا سنصحو عاجلا أم آجلا على تحرك سريع للسوق، وستظهر أخبار اكثر، وستؤخذ مخاطر أعلى. لكن الرهان لن يكون سهلا الآن بالنسبة لمن يبحث عن فرصة قبل ان يفوته القطار. في النهاية مخاطرة أعلى تعني عائدا اكبر.
boumeree@
[email protected]